الجمعة، 3 فبراير 2012

*الجزء الخامس

عولمتنا - دولة الأمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف
الجزء الخامس.




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمود على فعاله و الصلاة و السلام على محمد و آله . أما بعد , فنتوكل على الله تعالى ونعود لملاحقة الحوادث و النصوص الدالة و المخبرة بوقوعها قبلا ، ونتناولها بشيء من التحليل ، لمعرفة المرحلة التي بلغناها في السبيل المقيم إلى ما وعد الله من الوعد في اليوم الموعود.
وفي البداية من المهم جدا أن نتعرض لأهم الأحداث و التطورات التي حدثت في الفترة التي أعقبت كتابة الجزء الرابع و إلى الآن، ونحن في أيام رجب من سنة 1427 هج، الأحداث التي نعتقد بان لها علاقة مباشرة بالظهور المبارك ، ونذكر منها :
الأوضاع في إيران : حيث فشل أو انحسار تجربة البرجوازية الدينية و عودة الخط و النهج الثوري المقاوم إلى السلطة في إيران على اثر انتخابات عامة و اعتلاء رأس السلطة لـ ( الشاب الخفيف اللحية ) محمود احمدي نجاد .
الأوضاع في الحجاز و المملكة السعودية : حيث موت الملك الذي اسمه على أسماء الوحوش ( فهد ) و مُلك الملك عبد الله ـ ذو العين الآخرة ، بها يفتحون و بها يختمون ـ كما في الروايات .
ا
الأوضاع في العراق : حيث عودة الملك إلى الزوراء بالشورى ، ولكن ـ من غلب على شيء فعله ـ كما في الخطبة .
عموم الأوضاع و التطورات الدولية : الاستعداد للملحمة .


"محور الشر"

ربما لا يكون الحديث عن الأوضاع و التطورات في إيران له مغزاه المنطقي، ما لم يوضع في إطاره الطبيعي الذي وضعه له الرئيس الأمريكي بوش .. ( محور الشر) ، أو الذي وضعه ملك الأردن.. ( الهلال الشيعي) ، أي : إيران ـ التيارات الدينية الشيعية في العراق ـ سوريا ـ حزب الله في لبنان . ولكن هذا بالطبع هو ظاهر الأمر المكشوف لهم ، بينما هم لم يضعوا في حساباتهم المفاجآت و المتغيرات و التقلبات ، حيث تشير الآية الكريمة إلى هذا الزمن و هذا الأمر في قوله تعالى ( يخافون يوما تتقلب فيه القلوب و الأبصار) وجاء في الرواية عن الإمام الصادق (ع) عن هذه الفترة قال (لا ينجوا إلا من دعا بدعاء الغريق ، قيل : وما دعاء الغريق ؟ قال (ع) : أن تقول " يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك ). وكما مر علينا سابقا إن هذا الزمن " يمسي فيه الرجل مؤمنا و يصبح كافرا . و يُصبح مؤمنا و يمسي كافرا " ، أي أن القلوب تتقلب فيه بسرعة غريبة مع الأحداث ، وتتغير فيه الولاءات العقائدية و الدينية .
أما في العراق فالأمور تزداد سوءاً ، وكل يوم هو أسوأ من السابق ، حتى أصبح الوضع كما وصفه الإمام علي (ع) في الخطبة المتقدمة حيث قال (يكون الفتك من فتك الجحيم ) ،وجاء في الروايات أيضا، ( تفجأكم الصواعق في الأسواق ) وهو تفجير السيارات المفخخة و الأحزمة الناسفة على الأبرياء في التجمعات السكنية و الأسواق المزدحمة ، ولكن ليس هذا هو المهم عندنا ، فهو أمر تكلمنا به قبل وقوعه ، ولكن المهم هو معرفة التفرق اللاحق الموعود ، و استفحال الصراعات بين الاثنى عشر من آل أبي طالب و راياتهم المشتبهة كما في الرواية ، وبالطبع بين أتباع كل راية ، و من ذلك هو الصراعات داخل الفرقة التي ( قتلاهم شهداء يفتح الله على أيديهم ) كما في الرواية ـ أي الخط الصدري ـ وقلنا في الجزء الرابع بان الخط الصدري غير مستثنى من الغربلة و التفرق ، حتى يصبح الأمر كما وصفه الإمام علي (ع) : " فلا يبقى منكم إلا نفاضة كنفاضة العكم أو ثُفالة كثُفالة القدر" .
وقد تقدمت هذه الأقوال في الجزء الثالث و الرابع .و سنبين لاحقا تشخيصنا لهذا الوضع و أسبابه و إفرازاته. ومن جانب آخر بدأت تظهر ملامح القواعد التي تستند إليها حركة السفياني في العراق من خلال ما أسست له ( القاعدة ) في محافظة ديالى عموما على يد الأردني احمد الخلايلة الملقب "بالزرقاوي" و الذين خلفوه بعد مقتله، حيث من المعلوم أن مسيرة جيش السفياني في دخوله إلى العراق تكون من خلال مناطق ديالى ، بعقوبة ـ ثم مروره ما بين جلولاء و خانقين ـ ثم ينعطف نحو عقرقوف غرب بغداد ـ ثم تكون له وقعة بين دجلة و دجيل يقتل فيها سبعين ألف ـ ثم إلى عامرية الفلوجة ـ ومنها إلى جرف الصخر و المسيب ونواحيها ـ إلى كربلاء ـ ومنها إلى النجف هدفه الأساس ، وهذا هو منطلق خارجة "رميلة الدسكرة " التي تخرج على الإمام المهدي (ع) من محافظة ديالى ففي كتاب نعيم للفتن ، عن عبد الله بن مسعود : ( إذا عبر السفياني الفرات و بلغ موضعا يقال له عاقرقوفا محى الله الرحمة من قلبه فيقتل بها إلى نهر يقال له الدجيل سبعين ألف متقلدين سيوف محلاة ، وما سواهم أكثر .) (1).
أما الأوضاع في المملكة السعودية و الحجاز فابرز ما فيها هو مُلك " عبد الله" ، وظهور الصراعات الحادة إلى درجة الاقتتال الشرس داخل المملكة الآمنة منذ عقود طويلة من حكم آل سعود ، وذلك مع تنظيم القاعدة ربيب العائلة المالكة نفسها , إلا أن أهم ما يخص الوضع في الحجاز هو حكم " عبد الله" ، فبعض الروايات عن الإمام الصادق (ع) ( أنبئوني عن مقتل عبد الله أنبئكم عن ظهور قائمنا ) ، وسنخصص له موضوعا خاصا لاحقا .
أما ابرز ملامح الحكم في الحجاز فهو اشتداد العداء العلني و الصريح لشيعة أهل البيت (ع) ، ففي حين إنهم يقدمون كل الدعم وبكل الأشكال لقتلهم في العراق بحجة ( العمالة للأمريكيين ) وتقاعسهم عن " الجهاد " ، فإنهم في ذات الوقت يحرضون عليهم و يمنعون مناصرتهم و بكل الأشكال  وهؤلاء هم "العاملة الناصبة" .
ففي رواية عن الإمام الباقر (ع) في قوله تعالى ( وجوهٌ يومئذ خاشعة* عاملة ناصبة* تصلى نارا حامية) قال (ع) : " ... وان ناصبا على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم، لو أعطي ما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضة على أن يزول عن محبة الطواغيت و موالاتهم إلى موالاتكم، ما فعل ولا زال، ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ولو فُعل فيهم ما ارتدع ولا رجع، وإذا سمع احدهم منقبة لكم وفضلا ، اشمأز من ذلك و تغير لونه ورأي كراهة ذلك في وجهه بغضا لكم و محبة لهم . ثم تبسم الإمام (ع) و قال : " هنا هلكت العاملة الناصبة، تصلى نارا حامية ، تسقى من عين آنية"... ومن ذلك قال عز وجل " وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا "(2)
 :
اشرنا في الجزء الرابع ، و استنادا إلى المقادير التي ذكرها الإمام علي (ع) في خطبة البيان، و تسلسل الأحداث المرتقبة ، اشرنا الى أننا نترقب وقوع المعركة المناظرة لمعركة " عين جالوت" التي مثلت بداية الانكسار لقوات الغزو الأجنبي ـ إن كان مغولي أو أمريكي أو إسرائيلي ـ وبالطبع فان المعركة سبقتها معارك أخرى في غزة حقق فيها الجيش المصري انتصارات محدودة، إلا أن معركة عين جالوت هي التي رفعت معنويات العرب بشكل عال و دفعتهم للمزيد من المقاومة وسحق الغزاة المغول، ثم الالتفات إلى الروم ـ الحرب الصليبيةـ وهزيمة الروم في الحرب، وربما كان الميدان في هذه الدورة التاريخية هو شمال فلسطين المحتلة ـ ارض كنعان ( ثم تنكص شياطينهم في ارض كنعان فيقتل جيشهم العفف و يحل بجمعهم التلف) حسب الخطبة ، وهذا هو ما يجعلنا نقول ـ ان الملاحم التي ذُكرت كثيرة وليس ملحمة واحدة ، ولكن المهم هو ( الملحمة العظمى ـ الحرب العالمية الثالثة ) ، وسنتناول مرامي بعض السور القرآنية بالتحليل في ضوء إفرازات هذه المعركة ، خصوصا سورة " النصر" وسورة " الروم " و سورة " الفتح " مع آيات من سورة "مريم "

ـ سورة النصر:
قال تعالى : ( إذا جاء نصر الله و الفتح* ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك و استغفره انه كان توابا ) .
بينا فيما سبق في قوله تعالى ( يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل) (3). بان التوبة ترفع وتطوى صحف الأعمال مع نزول أول الآيات ، وهو طلوع الشمس من مغربها في رجب الأعاجيب في في سنة الملحمة العظمى ، بينما نجد في سورة النصر انه عند مجيء النصر، يدخل الناس في دين الله أفواجا ، وان هؤلاء يتوب الله عليهم وتوبتهم مقبولة بقوله تعالى ( انه كان توابا) ، ومما لا كلام فيه لمخلوق، أيما مخلوق ، أن كتاب الله لا يختلف مع بعضه البعض ، فانه تبرز هنا عدة مسائل بحاجة إلى بحث ، نلخصها بالآتي :
هل أن النصر يسبق نزول الآيات ، وما المراد به ؟
ما معنى دخول الناس في دين الله ؟ ولماذا أفواج ، وكيف ؟
هل إن النصر هو ذاته الفتح ؟ أم هو مرحلة من مراحل الفتح ؟
ما علاقة سورة النصر بسورة الروم و سورة الفتح ؟
تبين لنا في الأجزاء السابقة بان السنة التي تسبق الظهور المبارك هي سنة مليئة بالأحداث و المفاجآت و الحروب ، بل إن الروايات تحدثت عن حرب تستمر سنة كاملة من شهر صفر إلى شهر صفر اللاحق وعلامة ذلك ظهور نجم له ذنب في صفر رواها نعيم عن ابن مسعود ، وفيه قول رسول الله صلى الله عليه وآله " خزن من الطعام ما يكفيك مدة عام" ، ورواية أخرى تقول بظهور عمود من نار في شهر رمضان ( قيل وما آية الحدثان ؟ قال : عمود من نار يطلع من قبل المشرق في السماء ، فإذا رايتها فاعد لأهلك طعام سنة ) 4 ، وهو كما يبدو بسبب انقطاع السبل و توقف الاستيراد و التصدير والتجازة بسبب ذلك ، ولعل هو ما أشارت إليه الآية الكريمة من الاشراط (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ) (5) ويشمل عموم النقل وتوقفه بسبب الحرب و الفيضانات .
إلا أن منطقة الظهور بشكل خاص لا تتوقف فيها الحروب ابتداء من بداية الغزو، و الذي ينتج من الروايات بان هناك أكثر من نجم يظهر ولكل نجم علامة و دلالة ، ففي صفر أو ربيعين النجم علامة الخصب ، وفي رجب نجم الآيات الذي يتقلب في الآفاق ، وفي رمضان النجم علامة الهلاك .
وفي كتاب نعيم ، قال الوليد ، قال كعب : ( نجم يطلع من قبل المشرق و يضيء لأهل الأرض كإضاءة القمر.... إنما نجم الآيات نجم يتقلب في الآفاق ، في صفر و في ربيعين ، أو في رجب ، وعند ذلك يسير خاقان بالأتراك تتبعه روم الظواهر بالرايات و الصلب . ) (6).
إلا أن مما مر علينا في خطبة اللؤلؤة للإمام علي (ع) ( ألا وان لذلك علامات عشرا ، أولها طلوع الكوكب ذي الذنب ، ومن العلامة إلى العلامة عجب ) فهو يدل على أن الكوكب المقصود يكون ظهوره ما بين العشر الأواخر من جمادي الآخر و رجب ، حيث الآيات .
و عن أمير المؤمنين (ع) في حديث مشهور مع المنجّم الذي اقترح عليه عدم المسير إلى الخوارج ، كان مما اخبره به أمير المؤمنين عما لا يعلمه هذا المنجّم ، قال (ع) : ( أعالم أنت بطلوع النجمين ، اللذين ما طلعا إلا عن مكيدة ولا غربا إلا عن مصيبة ؟ و أنهما طلعا ، و غربا ، فقتل قابيل هابيل ) (7).
وفي كتاب نعيم : حدثنا سعيد أبو عثمان حدثنا جابر الجعفي عن أبي جعفر(ع) قال :
( إذا بلغت سنة تسع وعشرين و مائة واختلفت سيوف بني أمية ووثب حمار الجزيرة فغلب على الشام ظهرت الرايات السود في سنة تسع وعشرين ومائة ويظهر الأكبش مع قوم لا يؤبه لهم قلوبهم كزبر الحديد شعورهم إلى المناكب ليست لهم رأفة ولا رحمة على عدوهم أسماؤهم الكنى وقبائلهم القرى عليهم ثياب كلون الليل المظلم يقود بهم إلى آل العباس وهي دولتهم فيقتلون أعلام ذلك الزمان حتى يهربوا منهم إلى البرية فلا تزال دولتهم حتى يظهر النجم ذو الذناب ويختلفون فيما بينهم ) (8).
وهذا بالطبع ينبهنا إلى دلالة و خطورة هذه المذنبات ، و إلى ما ترمز ؟
أما أول الحرب في سنة الملاحم ففي بعض الروايات أنها تبدأ في شهر صفر ، ولكن لم تحدد على أي جبهة ، فلربما من جهة الشام أو بلاد فارس أو كأن تبدأ من جهة أصحاب الفيل ( أثيوبيا ) باتجاه الصومال أو السودان علما أن الأوضاع متوترة هناك و مرشحة لبدء الغزو و الحروب ، وعمليات القرصنة في البحر توفر لهم الاسباب .
وفيما يخص لبنان فقد ذكر الإمام علي (ع) في الخطبة ( ثم يدخلون بعلبك بالأمان ، وتحل البليات البلية في نواحي لبنان ... ) ولعل المقصود دخولهم بالأمان إشارة إلى قوات الأمم المتحدة المسماة " اليونيفيل" وما سيكون لها من دور تآمري غادر في لبنان والله العالم ، حيث دخلت بالأمان أي بمعنى بالاتفاق دون قتال ، ولم يذكر نصر أو انتصار في هذه الفترة ، وفي الحقيقة فانه بالمفهوم العسكري ، أو القرآني، فانه لم يكن هناك انتصار في معركة الوعد الصادق ، ولكن واقع الحال هو كما قال تعالى " ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم " وهذا هو ما حصل فقد قطع الله طرفا من دابرهم و كُبتوا وذُلوا إذلالا لم يعتادوه وخسروا من آلياتهم ما لم يتوقعوا و من جنودهم ما لم يتحسبوا ودخل قلوبهم رعب شديد من قتال المؤمنين ، هو في الحقيقة يمثل بداية ردّ الكرّة عليهم " ثم رددنا لكم الكرّة عليهم " وهذا بالمفهوم السياسي المعاصر يُعدّ نصرا .
بعد هذه المقدمة نقول : أن معنى دخول الناس في دين الله أفواجا ، يدل على التعاقب ،فعندما سئل الإمام علي (ع) عن الحشر في ظهور الإمام المهدي (ع) قال : ( انه كما قال تعالى " وحشرناكم أفواجا" أي فوج بعد فوج ) ، ونفهم من هذا أن دخول الناس في الدين أفواجا : أي فوج بعد فوج بشكل متعاقب زمنيا و جغرافيا ، أي فوج من هؤلاء و فوج من أولئك وفوج اليوم وفوج غدا ، وليس معناه سرايا أو أرتال الواحد تلو الآخر، وهو يعني حسب فهمنا ، أن المسلمين منهم يجب أن يكون دخولهم المتعاقب هذا قبل نزول الآيات، وإلا فان توبتهم غير مقبولة لان التوبة تكون قد رفعت ، ويمكن أن يكون دخول غير المسلمين من الديانات الأخرى أفواجا بعد ظهور الحق ومجيء البينات ، وأيضا يكون متعاقب وليس دفعة واحدة ، وهو حسب ما وصفته سورة الرحمن حسب تأويل الإمام علي (ع) لمعنى الآية ( وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) هو دخول الشعوب والأمم في الإسلام كمثل الحب ذو العصف والريحان ، وتوليهم للإمام المهدي (ع).
ولكن بالنسبة للمسلمين ماذا يعني دخولهم في دين الله ؟
وجواب ذلك : هو خروجهم من دين الملوك إلى دين الله الحق ، ذلك بان المسلمين الآن يحسبون أنفسهم داخلين في دين الله وهم ليسوا كذلك ، بل هم تركوا دين الله إلى دين الملوك ، سواء ملوك الأمويين بالنسبة لشيعة بني أمية ، أو ملوك العباسيين بالنسبة لشيعة بني العباس ( السنّة) . و سنورد بعض الروايات في ذلك مما ورد في كتاب الفتن لنعيم بن حماد و نقله ابن طاووس في ملاحمه :
عن محمد بن علي (ع) قال :
{ قال رسول الله (ص) : ( ويل لأمتي من الشيعتين ، شيعة بني أمية و شيعة بني العباس رايتي ضلالة ).} (9) .
عن مكحول عن رسول الله (ص) قال :
( مالي وبني العباس ! شيّعوا أمتي وسفكوا دمائهم و ألبسوهم ثياب السواد ، ألبسهم الله ثياب النار . ) (10) .
عن أبي هريرة قال :
( كنت في بيت ابن عباس ، فقال أغلقوا الباب ، ثم قال : ما هنا من غيرنا احد ؟ قالوا لا ، وكنت في ناحية من القوم ، فقال بن عباس : إذا رأيتم الرايات السود مقبلة من المشرق فأكرموا الفرس فان دولتنا فيهم ،قال أبو هريرة ، فقلت لابن عباس : أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله (ص) ؟ قال ابن عباس ، وانك لها هنا ؟ قلت نعم ، قال حدّث ، قلت : سمعت رسول الله (ص) يقول : إذا خرجت الرايات السود فان أولها فتنة و أوسطها ضلالة و آخرها كفر. ) (11) .
* حدثنا عبد القدوس عن ابن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي عن عبد الله بن أبي الأشعث الليثي قال تخرج لبني العباس رايتان إحداهما أولها نصر وآخرها وزر لا ينصرونها ، لا نصرها الله ، والأخرى ، أولها وزر وآخرها كفر، لا ينصروها ، لا نصرها الله . ) (12) .
وفي الخرائج والجرائح :
: أن النبي صلى الله عليه وآله قال للعباس : ويل لذريتي من ذريتك . فقال : يا رسول الله فأختصي ؟ فقال : إنه أمر قد قضي .) (13)
وفي غيبة ألنعماني : عن الإمام الباقر (ع) أن ابن عباس بعث إلى أبيه الإمام علي بن الحسين عليهما السلام من يسأله عن هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا و رابطوا ) فغضب الإمام علي بن الحسين (ع) و قال للسائل : ( وددت أن الذي أمرك بهذا واجهني به ، ثم قال : نزلت في أبي و فينا ، ولم يكن الرباط الذي اُمرنا به بعد ، و سيكون في ذرية من نسلنا المرابط . ثم قال : أما إن في صلبه ـ يعني ابن عباس ـ وديعة ذرئت لنار جهنم ، سيُخرجون أقواما من دين الله أفواجا ، و ستصبغ الأرض بدماء فراخ من فراخ آل محمد ، تنهض تلك الأفراخ في غير وقت ، و تطلب غير مدرك ، و يُرابط الذين آمنوا و يصبرون و يُصابرون حتى يحكم الله ، وهو خير الحاكمين . ) (14)
و خرجت هذه الوديعة في صلب ابن عباس ، وتسلطوا على رقاب الأمة ، و دانت الناس بدينهم إلا من رحم الله ، و أخرجوهم من دين الله أفواجا ، فجاء هؤلاء الملوك بفقهاء الضلالة ليجدوا لهم ما يمكن أن يغنيهم عند الناس عن الحاجة إلى أولي العلم وانتزاع الإمامة منهم ، وبهذا خرجت الناس من ولاية الأوصياء ، إلى ولاية الملوك والأمراء ابتداء من مؤامرة السقيفة والى اليوم ، أما دخولهم في دين الله أفواجا في وعد الآخرة ، فهو للمؤمنين الذين يخرجون من أصلاب الكافرين ( التزيّل ) ، وهذا ما لاحظناه في معركة الوعد الصادق ، في وقوف الكثير من الشعوب العربية و الإسلامية مع سماحة السيد حسن نصر الله و المقاومة الإسلامية في لبنان ، وسبّهم ولعنهم علنا للحكومات العربية ( ملوك بني العباس) ـ لان هؤلاء جميعا في حقيقتهم من ذرية عبد الله بن عباس ، وهم الطبعة الثانية من " المنصور والرشيد والأمين والمأمون ..الخ " ـ ، وعلى مسامع ومشاهد هؤلاء الملوك و أجهزتهم الأمنية و العسكرية ، نتيجة ما أصاب هذه الشعوب من الذل و الهوان على أيدي هذه الحكومات و سياساتها الانهزامية الجبانة الموالية للأجنبي من يهود و نصارى .
بل إننا سمعنا كثيرا منهم على شاشات التلفزة يقولون ( كلنا شيعة ) ، وذلك لما وجدوه من صدق القول وصدق العهد لله تعالى عند هؤلاء المجاهدين الصابرين المحتسبين ، وطهارة المنهل الذي ينهلون منه إيمانهم وعقيدتهم ، و بالرغم من كل التحريض و الفتاوى والتشويش الإعلامي الذي مارسه هؤلاء الملوك و أجهزتهم ، فقد خرج الكثير من الناس من ولاية الملوك الفاسدين المفسدين و تبرءوا منهم وأصرّوا على تأييدهم للمقاومة و أمينها العام ، وهذه أول الأفواج التي دخلت في دين الله ، ولله الفضل عليهم إذ هداهم ، فمن كفر بعد ذلك فله عذاب اليم . وبالطبع فان للمقاومة وقائدها الفضل والأجر العظيم في كونهم سبب هداية الناس ووعيهم من غفلتهم .
و وفق رواية الإمام علي بن الحسين (ع) ، فانه كما دخل الكثير في دين الله أفواجا ، فقد خرجت أفواج أخرى من دين الله خروجا لا رجعة عنه ولا توبة معه بعد سفكهم الدماء الزكية و المحرمة بشكل فزع له أهل السماوات و الأرض على ارض العراق خاصة لفراخ آل محمد و شيعتهم ، و يتهمونهم بأنهم " صفويين " و ليسوا عرب ، وعلى رأس هؤلاء " الارعش" كما وصفه الإمام علي (ع) في خطبة البيان: وهو عدنان الدليمي ورفاقه في اللا توافق.
وعن سليم بن قيس انه قال :
" لما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) بكى ابن عباس بكاء شديدا ثم قال : ما لقيت هذه الأمة بعد نبيها ؟ ! اللهم إني أشهدك أني لعلي بن أبي طالب وولده ولي ، ولعدوه عدو ، ومن عدو ولده برئ ، وإني سلم لأمرهم ، ولقد دخلت على ابن عم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذي قار ، فأخرج لي صحيفة وقال : يا ابن عباس هذه صحيفة أملاها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخطي بيدي قال : فأخرج الصحيفة فقلت : يا أمير المؤمنين اقرأها علي ، فقرأها وإذا فيها كل شئ منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله ) ، وكيف يقتل الحسين ومن يقتله ومن ينصره ، ومن يستشهد معه ، وبكى بكاء شديدا وأبكاني ، وكان فيما قرأه كيف يصنع به ، وكيف تستشهد فاطمة ( عليها السلام ) وكيف يستشهد الحسن ( عليه السلام ) وكيف تغدر به الأمة ، فلما قرأ مقتل الحسين (عليه السلام ) ومن يقتله ، أكثر البكاء ثم أدرج الصحيفة ، وفيها ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وكان فيما قرأ أمر أبي بكر وعمر وعثمان ، وكم يملك كل إنسان منهم ، وكيف يقع على علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ووقعة الجمل ، ومسير عائشة وطلحة والزبير ، ووقعة صفين ومن يقتل بها ، ووقعة النهروان ، وأمر الحكمين ، وملك معاوية ، ومن يقتل من الشيعة ، وما تصنع الناس بالحسن ، وأمر يزيد بن معاوية حتى انتهى إلى قتل الحسين ، فسمعت ذلك فكان كما قرأ لم يزد ولم ينقص ، ورأيت خطه في الصحيفة لم يتغير ولم يعفر . فلما أدرج الصحيفة قلت : يا أمير المؤمنين لو كنت قرأت علي بقية الصحيفة ؟ قال : لا ، ولكني أحدثك بما فيها من أمر بيتك وولدك ، وهو أمر فضيع من قتلهم لنا ، وعداوتهم لنا ، وسوء ملكهم ، وشوم قدرتهم ، فأكره أن تسمعه فتغتم ، ولكني أحدثك : أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند موته بيدي ففتح لي ألف باب من العلم . . . قال ابن عباس : لئن نسخني ذلك الكتاب كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " . ) (15) .
أما دخول غير المسلمين في دين الله أفواجا ، فلا يمنع منه دخولهم الآن وقد رأينا إسلام كثير منهم ، ولكن حسب الروايات التي سنقدم جملة منها لاحقا ، يبين منه أن التوبة مفتوحة لهؤلاء بعد الظهور وبعد النصر حتى تمام الفتح الذي يتتوج بظهور الدّين على الدّين كلّه ولو كره المشركون ، وسيكون ذلك أيضا على شكل أفواج متعاقبة زمنيا، وتستمر" بضع سنين" كما سيبين من سورة الروم .ويشمل كثير من شعوب الأرض ممن يتبقى بعد الملحمة وعندئذ يتحقق تأويل قوله تعالى ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) .
إلا انه على العموم و الدوام منذ اجل بعيد كان التزام الأعاجم من الأمم الأخرى أكثر التزاما من العرب بدينهم .
و جاء في رواية عن الإمام الرضا عليه السلام : ( ... و لكن الله تبارك و تعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى الله عليه و آله هلمّ جرّا ، يمنّ بهذا الدّين على أولاد الأعاجم ، و يصرفه عن قرابة نبيه ( ص) هلمّ جرّا ، فيعطي هؤلاء و يمنع هؤلاء .) (16)
بعد فهم معنى دخول الناس في دين الله أفواجا وكيفيته ، تبرز الحاجة إلى دليل روائي على أن النصر يجب أن يكون قبل نزول الآيات ، أو قبل الفتح بالنسبة للمسلمين . فنقول إن فهم الروايات و تحليلها فيه اختلاف عند الباحثين و المفكرين الذين تناولوا هذا الموضوع ، فمنهم من يرى أن الفتح الأول لا يتم إلا على يد الإمام المهدي (ع) ، والمقصود فتح بيت المقدس و تحرير فلسطين ، ومنهم من يرى أن الروايات لا تدل على اشتراط ذلك ويفهم من الروايات على انه ممكن أن يكون فتح بيت المقدس يسبق الظهور المبارك ، ووجدنا أن هذه الآراء تصدر أحيانا نتيجة انفعالات وقتية مع الأحداث السياسية ، وخاصة عند المعاصرين ، وسمعنا هذه الآراء بوجهيها من خلال اللقاءات التلفزيونية والبرامج الإذاعية مع مفكرين و باحثين ، فوجدنا انه عندما يكون اليأس هو السائد في نفوس الناس و الشعور بالإحباط من القادة و السياسيين يُحال الأمر إلى ظهور الإمام المهدي (ع) ، وعند ارتفاع المعنويات من أي حالة قيادية أو سياسية أو عسكرية ايجابية ، يزداد احتمال سبق النصر على الظهور ، وهذا التحليل غير مبني على قاعدة أو أسس صحيحة .
إن فهمنا للموضوع وفق الأطروحات التي قدمناها في عموم طرح هذا الكتاب المبنية على فهم فلسفة التاريخ في ضوء خطبة البيان ، هو التالي :
إن كثيرا من الأدلة الواضحة التي قدمناها تدل على إننا مشرفون على الظهور إن شاء الله ـ ومنها دورة الزمان على حرف بسم الله ـ ولكن هل يمكننا أن نقول بان هذا أمر مقطوع فيه ؟ إذا قلنا ذلك فقد ادعينا علم الغيب و العياذ بالله ، و نكون قد تجاوزنا على مشيئة الله تعالى و العياذ بالله ، ونكون قد تجاهلنا قوله تعالى " يمحو الله ما يشاء و يُثبت " فإننا لا ندري فقد تكون كل العلامات متحققة و الاشراط مكتملة ولكن ينقصها شرط غير ملتفتين له الآن ، ثم تمر دورة تاريخية كاملة ( اثني عشر قرن ) و تعاد نفس الأحداث و نفس الوقائع ونفس الأمثال و السنن ، ومعها الشرط الذي لم ننتبه له الآن لا سامح الله ، وهذا أمر ممكن ، نسأل الله أن يجعله من الأمور التي يعفو عنها وهو يعفو عن كثير ، ولكن في كل الأحوال يجب أن نقول من باب التقوى ،" ان شاء الله" .
ولكن مع ذلك ـ أي مع احتمال تأجيل الوعد الإلهي لا سامح الله ، فهل يعني ذلك بان دولة إسرائيل ستبقى قائمة و أننا لا ندخل المسجد ؟ و الجواب بالطبع هو كلا ، وذلك على أساس الفهم التالي: ـ
انه كما بينا بشكل مفصل بان أحداث التاريخ تتكرر بمخططاتها الإستراتيجية في كل اثني عشر قرن ، فان من المقادير الإلهية أن تحدث ملحمة مع الروم " في أدنى الأرض " أي في فلسطين ، أو الشام بشكل عام ، وتنتهي الملحمة بالنتيجة الثابتة في المقادير الإلهية وهي " غُلبت الروم " ، وهذا بشكل مختصر جدا لأننا سنبحث هذا الموضوع في سورة الروم .
أي انه سواء كان الظهور أم لن يكون ، فان الملحمة واقعة مع الروم و يكونوا هم المغلوبين و سيتم فتح بيت المقدس ، وستزول دولة إسرائيل ، وذلك وفق الخبر القرآني الذي هو القول الفصل ، فان دولة إسرائيل استوفت مدة رد الكرّة " ثم رددنا لكم الكرّة عليهم " وهذه المدة كما يستنبط من المرويات ، أنها تُعادل فترة الأسر و السبي التي قضتها بني إسرائيل في بابل ، وهي سبعين سنة كما هو المعلوم ، وحسب وقائع التاريخ فان هذه الفترة تبدأ من عام (1948) للميلاد ووجود إسرائيل ككيان حقيقي سياسيا و عسكريا ، وهذه المدة تنتهي عام ( 2018 ) إن شاء الله ، حيث نحن الآن في العام الميلادي (2006) .
يبين من هذا أن النصر هو مرحلة من مراحل الفتح ، سواء كان الفتح الموعود ، أم الفتح المحدود ، ذلك أن الفتح الموعود هو ظهور الدّين على الدّين كلّه ولو كره المشركون ( ظهور الإمام المهدي "ع" ) ، أما الفتح المحدود فهو فتح بيت المقدس وزوال إسرائيل و هزيمة الروم حلفاء بني إسرائيل ، دون ظهور للدّين على الدّين كلّه ، أي تماما كما حدث في الحرب الصليبية أثرا بأثر ، أي إننا إن شاء الله في كل الأحوال مقبلون على ملحمة مع الروم في نهاية المطاف وسيُهزمون بإذنه تعالى .

سورة الروم : الملحمة في سورة الروم :

قال تعالى (الم* غُلِبَتْ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (17).
اختلفت بعض القراءات في قراءة الكلمات الهامة خبريا في السورة المباركة .. أي الكلمات التي منها نعلم الخبر الذي تخبر به الآية ، والاختلاف هو بين (غلبت ، و غُلبت ) أي بين إن كان غلبت هو فعل ماضي بسيط أم فعل مبني للمجهول ـ بضم الغين و كسر اللام ـ وبين ( يغلبون ، و يُغلبون ) ، و استعرض السيوطي في الدر المنثور القراءتين ، وحسب فهمنا أن سبب الاختلاف ناتج من فهم تأويل الآية على ارض الواقع و تحقق خبرها ، وقبل أن نقدم فهمنا لمعنى و مرمى السورة المباركة ، سنستعرض بشكل مختصر ما قيل في سورة الروم .
في الدر المنثور عن ابن عباس قال ( كان المشركون يحبون أن يظهر فارس على الروم ، لان " فارس " أصحاب أوثان ، وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب ، فذكروه لأبي بكر فذكره لرسول الله (ص) فقال : أما إنهم سيغلبون ) (18) ، واستطرد في ذكر كثير من الروايات مفادها أن أبا بكر تقامر مع المشركين حول الخبر على اجل مسمى ، قيل خمس سنين وقيل سبع ، ولم يتحقق قول أبي بكر فراجع رسول الله ( ص) فمادهم بالأجل ، باعتبار أن " بضع سنين " هو من ثلاث إلى تسع ، وكلام كثير من هذا القبيل يمكن مراجعته في الأصل . وتناول السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ، المعاني التي تكلم بها القائلون في معنى السورة و أحبطها ، ونحن معه في هذا . إذن للاختصار سنبين تفسير الميزان لمعنى السورة وهو لا يختلف كثيرا مع غيره في التفسير و المعنى .
قال في الميزان : ( تفتتح السورة بوعد من الله وهو أن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين بعد انهزامهم أيام نزول السورة عن الفرس ، ثم تنتقل منه إلى ذكر ميعاد اكبر وهو الوعد بيوم يرجع فيه الكل إلى الله و تقيم الحجة على العباد ) ثم قال : ( فغرض السورة هو الوعد القطعي منه تعالى بنصرة دينه ، وقد قدم عليه نصر الروم على الفرس في بضع سنين من حين النزول . ) ثم قال في تفسير قوله تعالى ( وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ) قال : ( ضمير الجمع الأول للروم ، وكذا الثالث ، وأما الثاني فقد قيل انه للفرس ، و المعنى : و الروم من بعد غلبة الفرس سيغلبون .) ثم قال في تفسير قوله تعالى ( و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) قال : ( و المعنى : ويوم إذ يغلب الروم ، يفرح المؤمنون بنصر الله الروم .) (19).
وقال الطبرسي في تفسيره هذه الآية ذاتها : ( أي : و يوم يغلب الروم فارس ، يفرح المؤمنون بدفع فارسا عن بيت المقدس ) (20)
نقول : يبين لنا من الروايات التي تقدم أكثرها سابقا في الجزء الرابع , ومما في التاريخ من الوقائع المثبتة ، أن ما تكلمت فيه التفاسير من القصص في تأويل سورة الروم على ارض الواقع هي محاولة تفسير السورة على ضوء الأحداث و الأخبار التي وقعت في زمن نزولها في زمن المبعث المبارك ، ومن هنا تجد اضطراب في التفسير لا يستقيم بأي شكل أتيته . وعلى أية حال فان فهمنا لمعاني و مرامي السورة حسب أطروحات هذا الكتاب هو كما مر، و كما يلي : ـ
ابتداءا ، قلنا إن القرآن الكريم ليس كتاب مذكرات أو تاريخ قديم ، بل هو كما قال الإمام علي (ع) : ( ( القرآن لا تنقضي عجائبه إلى يوم القيامة) أي هو أخبار غيبية مستمرة . وهو كما قال الإمام الباقر (ع) : ( القرآن يجري من أوله إلى آخره ،وآخره إلى أوله .)
وفي تفسيرالصافي: وبإسناده عن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام ) عن هذه الرواية " ما في القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيه حرف إلا وله حد ولكل حد و مطلع ما يعني بقوله لها ظهر وبطن " ، قال : ظهره تنزيله وبطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شئ وقع ، قال الله تعالى * ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) * نحن نعلمه (21)
وغير ذلك من الأقوال المماثلة التي قدمناها سابقا . وعلى أساس هذا الفهم للقرآن الكريم وفي ضوء ما اخبر به الإمام علي (ع) عن المقادير الإلهية التي تتكرر في كل اثني عشر قرن ، فان سورة الروم كغيرها لها تأويلات متعددة ، وفي كل اثني عشر قرن لها تأويل مختلف ـ ونقصد بالتأويل : تحقق خبرها على ارض الواقع ـ وان هذا الاختلاف هو مما تضمنته السورة المباركة في اختيار الكلمات التي تتناسب مع كل تأويل ولكل دورة تاريخية ، ومن هنا عندما يسمي الله تعالى الروم باسمهم " غُلبت الروم " ويترك المقابل لهم مبهما بالضمير ( هم ) ، ذلك لان ( هم ) في قوله تعالى " وهم من بعد غلبهم سيغلبون " متغيرة و تتبدل مع كل دورة وليست خاصة بالفرس أو الروم كما يذهب كل المفسرين ، لكننا نجد أن تأويلها في زمن نزولها ، كان الروم هم المعنيين بقوله تعالى ( و هم ) ، أما تأويلها في الدورات التاريخية الأخرى فليس مخصوصا بالروم و بالفرس ، و الدليل على ذلك ، أن سورة الروم تأولت أخبارها على ارض الواقع مرة أخرى بعد اثني عشر قرن تقريبا من نزولها ، ووقعت الملحمة مع الروم في أدنى الأرض وهي فلسطين خاصة و الشام عامة ، وذلك في الحروب الصليبية المشهورة ، وكان في ذات الوقت وقوع غزو التتار المغول من جهة المشرق ، وكانت فارس ومن والاها تحت سيطرة المغول ولم يكن للفرس أي دور في الملحمة التي وقعت مع الروم ، بل كان الدور للمغول بشكل محدود في البداية ، ثم للعرب المسلمين بالشكل الحاسم على يد الناصر صلاح الدين ، و غُلبت الروم و اندحرت .
ومما تقدم سابقا من الروايات نفهم أن غلبة الروم في وعد الآخرة وظهور الإمام المهدي (ع) يكون على يد عدة أمم وليس امة واحدة ، وهم الترك و إخوان الترك ( الصين)، و الديلم ،والخزر ، والهند ، والابر، والفرس و الخراسانيين و الطالقان ، وأقوام من العرب وليس كل العرب ، أي "المشرقين" كما في سورة الرحمن ، أما الروم فإنهم حسب رواية نعيم ، أربعة أقواس ، وهم الروم و الإفرنج و الصقالبة و الأندلس ومعهم المروانيون والسفيانيون ، أي " المغربين" حسب سورة الرحمن .
إذن من المقصودين بـ (هم ) في وعد الآخرة ؟ وما الفترة المشار إليها في ( بضع سنين ) التي يفرح بها المؤمنون ؟ ولمعرفة ذلك لابد من العودة للروايات .
في الرواية التي قدمناها في الجزء الرابع عن رسول الله صلى الله عليه و آله في تاريخ الطبراني ( بينكم و بين الروم أربع هدن ، في يوم الرابعة على يدي رجل من آل هرقل تدوم سبع سنين . ثم قال : إمام الناس يومئذ المهدي من ولدي ... يستخرج الكنوز و يفتح مدائن الشرك . ) .
وكذلك في رواية حذيفة عن سورة الفتح التي تقدمت ( إن دونها خصالا ست أولهن موتي ... ) ، يدل على أن المقصود بهم في قوله تعالى ( وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) هم أهل بيت النبوة عليهم السلام متمثلين أولا بالإمام المهدي (ع) الذي يكون الفتح على يديه الكريمتين ، وذلك بعد إن كانوا مغلوبين منذ أن قُبض رسول الله صلى الله عليه و آله ، وأما المدة المضروبة ( في بضع سنين ) التي عندها يكون نصر الله و الفتح المبين (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) سورة الفتح، و فرح المؤمنون بهذا النصر وهذا الفتح ، فهو بعد بضع سنين التي هي مدة الهدنة التي يعقدها الإمام المهدي (ع) مع الروم و مدتها سبع سنين ( وفي روايات اقل من ذلك) ، ثم يغدر الروم ، و ينقضون الهدنة التي هي في الأصل عشر سنين ، وبعد نقض الهدنة يحق القول عليهم ، فتدمر بلدانهم و يفتح الله لرسوله الفتح المبين ، ويكون آنذاك ظهور الدّين على الدّين كلّه ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدً ) (22) ، ويسبقه الفتح القريب المحدود ( فجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) (23) ، وهو فتح بيت المقدس و القسطنطينية و البلاد التي دخلها الإسلام من قبل ، أي " الشرق الأوسط الكبير" الذي يريد الرئيس الأمريكي السيطرة عليه .
   وهنا يبرز سؤال خطير جدا ويصعب الاجابة عليه دون شروح كثيرة و مفصلة وغوص في اعماق التاريخ الاسلامي ونشأة المذاهب ، ثم تفرق المذهب الواحد الى فرق مختلفة ،  وبالخصوص في عمق مذهب اهل البيت (ع) ، وهذا السؤال هو :
من المفترض ان يفرح المؤمنون بغلبة الروم على فارس ـ حسب القرآن ـ بينما في الظاهر ان فارس وايران هي الآن مسلمة وممن يتبع مذهب اهل البيت (ع) وتدعي الانتظار للإمام المهدي (ع) ، فكيف يفرح المؤمنون بانتصار الروم ـ المساندون لاسرائيل ـ على فارس او ايران المسلمة  ؟؟؟؟
الجواب على هذا السؤال ربما سيثير الكثير من اللغط و الجدل ، لانه فوق ما تتصوره عقول غالبية الشيعة وغالبية المسلمين ..
ولكن بشكل مختصر ساقول : يجب البحث العلمي باصل نظرية ( ولاية الفقيه ) ، وهل هي تتوافق مع مذهب اهل البيت (ع) ؟
ام انها نظرية تتعدى على مقام الإمامة و تدعي إمامة من لم ينزل الله بهم سلطانا ؟؟ وما الفرق بين نظرية ولاية الفقيه ومذهب الزيدية الذي هو وفق مذهب اهل البيت (ع) ، وجه آخر من وجوه النصب و العداء للأئمة اهل البيت الذين انزل الله بهم سلطانا . وحسب روايات اهل البيت فان الزيدية من النواصب ..
ففي جواهر الكلام للجواهري ، عن الكشي  : ( عن الكشي انه روى في كتاب الرجال بسنده إلى عمر بن يزيد قال : " دخلت على الصادق فحدثني مليا في فضائل الشيعة ، ثم قال : إن من الشيعة بعدنا من هم شر من الناصب ، فقلت : جعلت فداك أليس هم ينتحلون مودتكم ويتبرأون من عدوكم ؟ قال : نعم ، قلت : جعلت فداك بين لنا لنعرفهم ، قال : إنما هم قوم يفتنون بزيد ويفتنون بموسى " . وانه قال : " ان الزيدية والواقفة والنصاب بمنزلة واحدة " ) جواهر الكلام ـ الشيخ الجواهري ـ ج6 ص 67 
   وفي كتاب الخرائج و الجرائح لقطب الدين الراوندي : 
روي عن أحمد بن محمد بن مطهر قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمد عليه السلام - من أهل الجبل - يسأله عمن وقف على أبي الحسن موسى عليه السلام ، أتولاهم أم أتبرأ منهم ؟ فكتب إليه : لا تترحم على عمك ، لا رحم الله عمك ، وتبرأ منه ، أنا إلى الله منهم برئ فلا تتولاهم ، ولا تعد مرضاهم ، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصل على أحد منهم مات أبدا . 
سواء من جحد إماما من الله ، أو زاد إماما ليست إمامته من الله ، أو جحد ، أو قال : ثالث ثلاثة . إن جاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا ، والزائد فينا كالناقص الجاحد أمرنا .)  فكان هذا - أي السائل - لم يعلم أن عمه كان منهم ، فأعلمه ذلك .  الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي ج 1   ص 452  ... فمن اين زادوا الأئمة على الاثنى عشر (ع) ويقولون : الإمام الخميني و الإمام الخامنئي ، كما تقول أئمة الزيدية ؟؟  الفت انتباهك الى كلام الإمام (ع) " الزائد فينا كالناقص الجاحد امرنا " !!!! 
فهؤلاء المؤمنين المذكورين في الآية ، هل هم ممن يؤمنون بولاية الفقيه ام من اتباع المراجع الذين يرفضونها رفضا قاطعا ، وقام نظام الحكم في ايران باعتقال الكثيرمنهم و فرض الإقامة الجبرية على بعضهم ، و اغتال بعض آخر مثل المرجع الشيرازي ؟
من يستطيع معرفة حقيقة مذهب هؤلاء المؤمنين او يجزم باتباعهم لمرجعية معينة ؟؟ 
او ان الـ " كنز من الرجال " المذكورين في الروايات انهم من اصحاب الإمام المهدي (ع) ، وهم اربع وعشرين رجلا من الطالقان ، من يستطيع الجزم بتبعية هؤلاء الرجال لاي مرجعية يتبعون ؟ وهل هم مضطهدون من نظام ولاية الفقيه ام لا ؟؟
فإذا كانوا من المظلومين ومن المضطهدين ، ومن اتباع مراجع آخرين ممن يرفضون نظرية ولاية الفقيه ، فقد تم حل الإشكال ، ويكون فرحهم مبرر للتخلص من الظلم و الاضطهاد لزوال هذا النظام ، واقتراب وعد الله وظهور مهدي هذه الامة (ع) .
ونعود الى تكملة السورة : 
أما قوله تعالى ( لله الأمر من قبل و من بعد ) فهو تنويه على عدة ملاحم تقع مع الروم ، و في كل دورة تاريخية ـ اثني عشر قرنا ـ وفي كل مرّة تقع الملحمة في أدنى الأرض فان الأمر لله و من الله وهو مما قدّره الله تعالى في كلّ مرّة ، من قبل و من بعد .

بعض ملاحم الروم والفرس:
قال اليعقوبي : ( فجلّ قدر الاسكندر ، وعظم ملكه ، واشتد سلطانه ، وأعانته الحكمة والعقل والمعرفة ، وكان معه نجدة وبأس ، وهمة عالية ، دعته إلى أن كتب إلى ملوك الأقاليم والآفاق يدعوهم إلى طاعته ، وكان من كان قبله من ملوك اليونانيين يؤدي إلى ملوك أرض بابل من الفرس خرجا ، لجلالة تلك المملكة ، وعظم قدرها ، وصغر الممالك في جنبها ، فلما كتب إلى ملك فارس يدعوه إلى طاعته عظم عليه ، فسار الاسكندر حتى أتى أرض بابل ، وملك الفرس يومئذ دار بن دارا ، فحاربه حتى قتله ، وحوى خزائن ملكه ، وتزوج ابنته . ثم صار إلى أرض فارس ، وقتل من بها من المرازبة والرؤساء ، وافتتح البلاد . ثم صار إلى أرض الهند ، فزحف إليه فور ملك الهند ، فحاربه حتى قتله ، ثم صير الاسكندر على الهند ملكا من قبله من أهل الهند يقال له كيهن ، وانصرف ، فشرق ، وغرب ، ثم رجع إلى أرض بابل بعد أن دوخ الأرض) (24) .
وما دمنا في حديث الروم و الرجل من آل هرقل ، فلعل من المناسب التذكير بدورة الزمان على حرف بسم الله (الباء) ، على أنها جارية بشكل يثير الدهشة من المقادير الإلهية العجيبة ، فقد ذهب ( برلسكوني) عن روما و جاء ( برودي) ، كما أصبح (بيريز ) رئيسا في إسرائيل وبيرتس في مهب الريح بعد خسارتهم الحرب في لبنان ، ويتنافس(بنيامين ناتنياهو و باراك ) على الولاية ، وصاحبة السين ( سيفي ليفني) تستعد لخلافة اولمرت، و أصبح ( بلير، و سفيرته في الأمم المتحدة، بيرس ) في مهب الريح ويستعد لخلافته ( براون ) أما سفيرته في الأمم المتحدة ( بيكت ) فهي الآمر الناهي على حكومة لبنان، أما ( بوش) و سفيره في الأمم المتحدة و ذراعه الضاربة في مجلس الأمن وهو( بولتن) فيزداد طغيانهما و استكبارهما مع (بول بريمر) الحاكم الأمريكي للعراق ، و(بترايوس) قائدا للقوات في العراق و ( بيتر بيس) و (بول وولفوفيتز ) الذي انتقل من البيت الأبيض إلى مدير صندوق النقد الدولي وبدأ يفرض شروطه التدميرية للاقتصاد العراقي من هناك ، و دخلت (بيلوسي ) كزعيمة للأغلبية البرلمانية من الديمقراطيين ، وترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ( باراك ، و بايدن ) عن الديمقراطيين ،و أما (بارزاني ) و ( برهم ) فيستعدان لإعلان الاستقلال وقيام دولة الكرد، و ربما السيطرة على بغداد، ومعه( برهم صالح) ـ فان في الروايات "يملك الكرد الزوراء " ولا أرى إنهم يقنعون برئاسة الدولة من خلال الطالباني ، والسيطرة على عالم الدبلوماسية العراقية من خلال زيباري.. حيث أنهم سيملكون الزوراء بالسيطرة العسكرية أمام ضعف العرب و أكل بعضهم بعضا من اجل السلطة و المال ، أما في باقي البلاد الأخرى ذات العلاقة فان أهل حرف الباء يزحفون زحفا استعدادا للملحمة ، واخطر من فيهم هو " الحبر الأعظم " بابا الفاتيكان ( بينديكت ) الألماني الجنسية بعد وفاة البابا البولوني الذي يدعو للحوار و يدين "الحرب ضد الإرهاب " ووصف الحرب الأمريكية على العراق بأنها غير أخلاقية ، وكذلك فان الأمين العام للأمم المتحدة على وشك الرحيل ليحل محله الكوري الجنوبي من أهل حرف الباء (بان كي مون) ، أما الترك و إخوان الترك ، فان بارا نوف في بلغاريا و باييف في أذربيجان و باكاييف في قرغيزستان ، يتعززون برؤساء جدد من أهل حرف الباء في الإكوادور باسينيوز ، إضافة إلى الأخ الأكبر بوتن و كثيرين لم نتقن بعد أمرهم ، وهذا عدا العرب منهم ، مثل ( بندر بن سلطان ، وبشار ، وبوتفليقة ) وغيرهم .
وعلى العموم فإننا مقبلون على قيادات الملحمة من أهل حرف (الباء) المتعصبون ،العدوانيون " المؤمّرون " ، والموضوع بحاجة الى وزارة خارجية لها دبلوماسيين في كل بلد للإحاطة به .
وهذا على الأبيات المذكورة سابقا في الزام الناصب ، أما على الأبيات المذكورة في ينابيع المودة ( إذا دار الزمان على حروف * ببسم الله فالمهدي قاما ) .. فيكون المعنى أكثر تعقيدا وتفصيلا . وذكرت مصادر أخرى ـ وكلها عن البسطامي ـ أبيات مختلفة في النظم ، منها عن فيض القدير ، قال :
[ قال البسطامي في الجفر : قال علي كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف * (بسم الله الرحمن الرحيم ) * يكون أوان ولادة المهدي ، قال :
إذا نفد الزمان على حروف * ببسم الله فالمهدي قاما
ودوران الخروج عقيب صوم * ألا بلغه من عندي سلاما ] (25)
والواضح أن هذا تفسير المناوي صاحب ( فيض القدير ) وهو تفسير غير موفق ، وفيه تلاعب بالنص الشعري ليتوافق مع ما فهمه المناوي .
وفي الذريعة عن الميرزا احمد الشريف : ( في شرح الميمية المنسوبة إلى محيي الدين محمد بن علي بن محمد العربي الطائي التي أنشدها في ظهور المهدي ( ع)
إذا دار الزمان على حروف * ببسم الله فالمهدي قاما ) (26) .
فيكون المعنى أكثر تعقيدا وتفصيلا ، وهو حسب استنباطنا له فيكون كالتالي :
أن الأطراف المتصارعة من الطرفين ، ممن له عقيدة يتعصب لها ويقاتل من اجلها فهم أهل حرف ( الباء ) وهم الغالبية ، ثم يتعدى الأمر إلى مجموعة أخرى تبدأ أسماؤهم بالحرف الثاني من ( بسم الله ) ، أي بحرف ( السين ) ،مثل الرئيس الفرنسي( ساركوزي ) و( ساكاشفيلي ) في جورجيا و( سيباسكي) في اوكرانيا و( سلفاكير ) في السودان و (سمير جعجع ) و ( سعد الحريري ) و(سنيورة ) في لبنان و ( سلام فياض) من فلسطين ، و (سيفي ليفني ) في إسرائيل ) وأسماء أخرى مثل ( سعود الفيصل ) و( سلطان ) و(سعد ) و (سالم ) و قيادات هامة تبدأ أسماؤهم بحرف ( السين ) .. والذي يبدو لنا أن هذه المجموعة ليس لها عقيدة تتعصب لها ، بل هم منافقون انتهازيون ، وموقفهم هو موقف ملك فرنسا أثناء الحرب الصليبية ، حيث تآمر على شريكه في الحرب (ريتشارد قلب الأسد)
ثم ينتقل إلى المجموعة الأخرى من الحرف الثالث من ( بسم ) الله ، وهم أهل حرف ( الميم ) وخروجه من حرف ( الباء) ، فبعد باء (بوتن ) ميم ( ميدفيدف ) في روسيا ، (وميركل ) في المانيا ، ( ومحمود احمدي نجاد ) في إيران ، وخرجت باكستان من باء (برويز مشرف ، و بنازير بوتو) ، وبعد باء ( بوش) يبدو الصراع حادا بين باء ( باراك اوباما، وبايدن ) من جهة و ميم ( ماكين ) ،و سين ( سارة ) ، وضمن مقادير ( رد الكرة " ثم رددنا لكم الكرة عليهم" ) تكمن قوة ( باراك ) الرجل الأسود الذي هو ليس من أهل الملك العريق ، وفي الروايات (يملك العبيد بلاد السادات ) ، ونوهنا إلى أن رد الكرة شامل لكل شيء على كل شيء ، وبشكل عام فهو بين حروف ( بسم ) الباء والسين والميم.
وهناك أيضا ( ميشيل سليمان ) في لبنان مع محمود عباس في فلسطين وغيرهم ، ويبدو أننا دخلنا على مرحلة الـ ( ميم ) من أهل الملك ، ، ورجال ( ميم ) يتقدمون إلى الملك .
والذي يبدو من ذلك أن الصراع النهائي يكون بين ( ميم ) معاوية وبني أمية ـ بها يفتحون وبها يختمون ـ ومعهم أحزابهم ، تكون عليها الكرة لـ ( ميم المجد من آل محمد ) ، حيث يقول الإمام الصادق (ع) " أولنا محمد و أوسطنا محمد و آخرنا محمد ) (27) ، ومعهم ( ميم ) المجموعة الصالحة ، ومنهم (صحابي مصر ـ محمد بن الحسن ـ كما سيأتي النص في الجفر لاحقاً ، (القلب حسن والرأس محمد ويتغير اسم الجد) ، و ( النفس الزكية محمد بن الحسن ) وغيرهم ... ثم يختم الأمر بـ ( ميم المجد من آل محمد ) الحرف الأول من الاسم الصريح للإمام المهدي وهو كإسم رسول الله صلوات الله عليهم .
وعن الشيخ صدر الدين القونوي من قصيدة تتكلم بأسرار علم الحروف في علامات الظهور ، أبيات تقول :
أليس هو النور الاتمّ حقيقـــة ونقطة ميمٍ من أمجادها يجـري
فما ثَمَّ إلا الميم لا شيء غيـره وذو العين من نوابه مفرد العصرِ
هو الروح فاعلمهُ وخُذ عهده إذا بلغتَ إلى مدِّ مديدٍ من العمــرِ(28).
والمقصود بذي العين من نوابه هو السيد المسيح ( عيسى ) "ع"
وهذا الأمر يجعلنا نتساءل عن السر الحقيقي في كون أن جميع سور القرآن الكريم تبدأ بآية ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ما عدا سورة براءة ( التوبة ) ، وهي أيضا تبدأ بحرف الباء ( براءة من الله )
ففي المجمع : عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( لم ينزل " بسم الله الرحمن الرحيم " على رأس سورة براءة لأن بسم الله للأمان والرحمة ، ونزلت براءة لدفع الأمان والسيف ) . (29) .
أقول : يبدو مما تقدم ، أن السر في ذلك هو أن مجيء تأويل سورة براءة (بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) أن هذه البراءة تأتي بعد استنفاذ ( الباء) و(السين ) ومجيء ( الميم ) أي أن تأويلها يكون بظهور الإمام المهدي عليه السلام ، فيكون أهل الباء وأهل السين قد استنفذوا ، وبلغ الأمر إلى الـ ( ميم ) .. والله العالم .
واخطر وأعظم ما ترمي إليه هذه الآية (بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) إلى عهد خطير سيُعطى للمشركين من قبل ولاة الأمور الفاسقين ، في آخر الزمان ومن علامات الظهور ، أي اتفاقيات أمنية علنية وسرية ، وان الأعراب المخلفين سيكونون ساندا لها ، ويعني قول أمير المؤمنين (ع) (ونزلت براءة لدفع الأمان والسيف ) إن إعطاء هذا العهد للمشركين ـ القوات الغازية والمحتلة والتي سيأتي بعدها من أمم الملحمة ـ يعني أن وقوع السيف ونزول العذاب سيكون قريبا جدا اثر ذلك ، فليحذر دعاة هذه العهود و الاتفاقيات .
كما يجعلنا نفهم معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام ( أنا حاء الحواميم ) ، فان ( حم * ) في مبتدء السور القرآنية السبع هم (، حيدرة ، وحسن ، وحسين ) وهم الحاء ، وميم هم السبعة الأعلام الذين تبدأ اسماؤهم بحرف الميم ، أي أهم القيادات المذخورة للإمام المهدي (ع) ، والله العالم . وبالطبع فان هذا ليس خيال نبتدعه ولكن هذا ما يرمز إليه أمير المؤمنين (ع) رمزا في الجفر بقوله عليه السلام ( رجال حا ، ورجال ما ) .
ونعود إلى الموضوع لمعرفة المزيد من الوضوح حول النصر و الفتح و الحوادث الواقعة بين ذلك .
فلقد وردت روايتان مختلفتان في الوحدة الزمنية عن حدث هام مما يسبق الظهور ، وهما فيما بين ظهور الخراساني ، وتسليمه الراية إلى الإمام المهدي (ع) ، الرواية الأولى عن محمد بن الحنفية ذكرها نعيم بن حماد ، قال :
( بين خروج الراية السوداء من خراسان و شعيب بن صالح وخروج المهدي ، وبين أن يسلم الراية إلى المهدي اثنان و سبعون شهرا . ) (30) .
بينما وردت الرواية نفسها في كتاب الفتن لزكريا ( اثنان و سبعون يوما ) بدل (شهرا ) ، ومما ورد عن أئمة أهل البيت (ع) أن ظهور السفياني و اليماني و الخراساني في السنة نفسها و الشهر نفسه واليوم نفسه يستبقون إلى الكوفة كفرسي رهان ، وذلك في رجب الآيات ، وكما تقدم فان الفترة كلها ثمانية أشهر ، مما يدل على خطا الوحدة الزمنية في رواية نعيم ، فالصحيح هو " اثنان و سبعون يوما وليس شهرا . و السؤال هنا الذي لم تتم الإجابة عليه بشكل شاف هو : من الذي يفتح بيت المقدس و يدخل المسجد كما دخله أول مرة ؟ ومتى تقع الملحمة العظمى قبل ذلك أو بعد ذلك ؟

روايات العامة :
من الملاحظ عند قراءة الروايات التي وردت عن العامة إن الانتقائية و الميول الشخصية و القبلية هي التي تلعب الدور الأكبر في رواية الأحداث و ليس نقل النص النبوي بالأمانة التي يمكن الاعتماد عليها في معرفة مجريات الأحداث الواقعة في الملحمة ، فعلى سبيل المثال ، مر علينا حديث ابن عباس و أبو هريرة في مجلس ابن عباس و توصية بن عباس لأبنائه بإكرام الفرس ( فان دولتنا فيهم ) بينما نجد من ملاحظة أبي هريرة ذم رسول الله صلى الله عليه و آله لهذه الرايات السود الأولى ، وكما قال أبو هريرة ( أولها فتنة و أوسطها ضلالة و آخرها كفر) وهذا يقتضي من ابن عباس أن يكون أمينا و يهدي الناس إلى الحق و يقول الحق وان كان في أولي القربى ، وهذا المرجو من صحابة رسول الله (ص) ، ولكنهم يعرضون عن الحق و يتبعون الباطل لان دولتهم هي الباطل ، فمالوا إلى الدنيا و خانوا الأمانة التي حملهم إياها رسول الله (ص) في أن يبلغ الحاضر الغائب ، ونجد أن كثير مما نقل عن هؤلاء مما لا يعتمد عليه في معرفة الحق من الباطل ، فإنهم يميلون إلى أقوامهم وليس إلى دين الله ، بل إن بعضهم ينافق بعض في المدح و الذم ، و من الأمثلة على ذلك الأحاديث الواردة في السفياني أو ملوك بني العباس و ذكر أكثر من مهدي وجمع كل هؤلاء تحت مسمى ( قريش ) ، وكذلك التشويش على أهل اليمن و دورهم ، فمرة تجدهم طواغيت ومرة تجدهم مناصرين لدعوة الحق ، ولذا فان المصدر الموثوق الذي يمكن الاعتماد عليه في مثل هذه الأمور هي روايات أئمة أهل البيت (ع) خاصة ، ولكن ما بأيدينا من روايات العامة مما يمكن الاعتماد عليه لمعرفة بعض التفاصيل ، أما في وقتنا الحاضر فنجد أن ملوك بني العباس و كذلك كل المخالفين لأهل البيت (ع) لا يكتمون الحق فقط بل يقلبون الحق باطلا و الباطل حقا  .
وعلى أية حال فان الأمور تجري كما قال الإمام علي (ع) { تجري الأمور بالمقادير حتى يكون الحتف بالتدبير} .
ومع ذلك سنورد بعض الروايات الهامة التي منها قد نستطيع استكشاف ملامح مجريات الأحداث
عن كعب قال :( على يدي ذلك اليماني تكون ملحمة عكا الصغرى ، وذلك إذا ملك الخامس من آل هرقل ) وعنه أيضا قال ( فيظهر اليماني و يقتل قريش ببيت المقدس وعلى يديه تكون الملاحم . ) (31) .
وعن كعب أيضا :
( لا تنقضي الأيام حتى ينزل خليفة من قريش بيت المقدس يجمع فيها قومه من قريش فينزلهم و قرارهم فيغالون في أمرهم و يترفون في ملكهم و تدين لهم الأمم ، و يدر لهم الخراج ، و تضع الحرب أوزارها) . (32)
و عنه في المصدر نفسه :
( ينزل رجل من بني هاشم بيت المقدس حرسه ستة و ثلاثون ألف ، على كل طريق لبيت المقدس اثني عشر ألف . ) (33) .
يتبين لنا من الروايات صعوبة معرفة من الذي سيدخل بيت المقدس أول مرة ، فنجد في بعض الروايات أن الخراساني و اليماني يمهدان الأمر للإمام المهدي (ع) بفتح بيت المقدس قبل يوم الخروج ، وفي روايات أخرى نجد أن الإمام المهدي (ع) هو الذي يفتح بيت المقدس ، وفي الحقيقة انه لا يوجد تضارب من حيث المهمة و التكليف ، حيث يكون الخراساني و اليماني يعملان بأمر الإمام المهدي (ع) ولو بصورة غير مباشرة ، حيث يبدأ أول اتصالاته بعد الخسف في جيش السفياني كما ورد في الآية الكريمة :
( * فجعلنا عاليها سافلها و أمطرنا عليها حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) (34) ، وكما شرحنا في الجزء الثالث ، فان المتوسمين هنا المقصود به الإمام المهدي (ع) فان هذه هي آية له لكي يبدأ تحركاته و استعداده و اتصالاته بالقيادات المذخورة له ، حيث يقول أئمة أهل البيت (ع) " كل من ادعى المشاهدة قبل الصيحة و السفياني فكذبوه " فانه بعد الصيحة في جيش السفياني وأخذهم اخذ عزيز مقتدر كما ورد في الآية (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت و اُخذوا من مكان قريب ) (35) ، فانه بعد ذلك يظهر (ع) لبعض خاصته من القيادات المناصرة له ، ومن المناسب أن نلفت النظر إلى أن هاتين الآيتين الكريمتين تتحدثان عن حدث واحد ، ولكن في كل سورة تأخذه من جانب مختلف عن الأخرى كما هو دأب القرآن الكريم .
على أية حال نقول ليست المشكلة في من هو الذي يسبق إلى بيت المقدس ، ولكن المهم أن معرفة ذلك يكشف لنا وقت وقوع أول الملحمة مع الروم وفي أي شهر ستكون ! وكل ما يمكن أن نقوله بوضوح انه هنالك فتحان وليس فتح واحد حسب سورة الفتح ، فقوله تعالى ( وجعل من دون ذلك فتحا قريبا ) (36) ، يسبق الفتح المبين الذي هو سيطرة الإمام المهدي (ع) على كل الأرض و كل العالم ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدّين كلّه ) (37) ، أي انه يكون على مرحلتين.
المرحلة الأولى هي تحرير بلاد المسلمين عامة ،ولذلك فإننا نجد أكثر من إحصاء ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام لجيوش الملحمة ، ففي خطبة قال ( يأتونكم تحت ثمانين غاية ، تحت كل غاية اثنا عشر ألف ، قيل ما الغاية ، قال : راية ) وهو ما أعلنت عنه الولايات المتحدة مؤخرا بان ثمانين دولة وافقت على إرسال جيوشها لمساندة أمريكا في (الحرب على الإرهاب ) ، وفي خطبة أخرى قال ( ألف سلطان تحت كل سلطان عشرة آلاف ) (38) أي يبلغ تعداد الجيوش المشتركة عشرة ملايين ، وهذا في المرحلة الثانية .
أما المرحلة الثانية فتكون بعد "بضع سنين" أي بعد نقض الهدنة من قبل الروم ، وعند ذلك يكون تأويل قوله تعالى ( وله اسلم من في السموات و الأرض طوعا و كرها ) وهو السيطرة الكاملة على كل العالم :
( روى علي بن عقبه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا قام القائم عليه السلام ، حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وآمنت به السبل وأخرجت الأرض بركاتها ورد كل حق إلى أهله ولم يبق أهل دين حتى يظهروا الإسلام ويعترفوا بالإيمان ، أما سمعت الله عز وجل يقول " وله اسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها واليه يرجعون " ) (39)


المنافسة بين الروم و الفرس
وحكمة الصين
لعل من المناسب الآن أن نستعرض و نحلل التنافس بين الروم و الفرس على السيطرة على وسط الأرض التي خصّ الله تعالى بها شجرة النبوّة ابتداء من سام (ع) و انتهاء بخاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله في الحديث الذي قدّمناه و قول جبرائيل (ع) لرسول الله (ص) : ( إن السلام يقرؤك السلام و يكرمك بالإسلام ، فقال (ص) وما الإسلام يا جبريل ، فقال هي الأنهر الخمس ، سيحون و جيحون و الفراتان و نيل مصر، يقول تعالى جعلتها خاصة لك و لأهل بيتك و لشيعتك ولا أبرء أحدا من مائها إلاّ من أبرأته أنت من مائها ) ولكن لا أولاد نوح من خارج ذرية سام التزموا بالأمر ، ولا أبناء سام من خارج شجرة النبوّة التزموا بالأمر ، ولا قريش من قوم النبي التزموا بالأمر ، ولا بني العباس من بني عبد المطلب التزموا بالأمر ، وكان الأمر كما قال تعالى ( أتواصوا به أم هم قوم طاغون ) ، فمن شرب قطرة ماء من هذه الأنهر الخمس بدون إذن أو موافقة ضمنية من رسول الله أو أوصيائه عليهم السلام من بعده فقد اعتدى على حرمات الله و تجاوز حدود الله ، ولكن ما الذي حصل ؟؟؟
انه اكبر عدوان على رسول الله مالك هذا الماء ، الإمام الحسين (ع) حبيب رسول الله .. و ذرية رسول الله (ص) ووارث رسول الله وسيد ومالك هذه الأنهر الخمس في وقته ، و الذين مع الحسين (ع) قُتلوا عطاشا محرومين من مائهم و أنهارهم التي خصّهم الله تعالى بها ، ولعل من اجل ذلك حسب فهمنا للقرآن الكريم نزل قوله تعالى ( إنا أعطيناك الكوثر * فصلّ لربك و أنحر *) أي بمعنى أنهم إذ لم يلتزموا بالأمر عندما كان الملك لهم واعتدوا هذا العدوان ، فقد أعطيناك الكوثر يوم يكون الملك لله الواحد القهار ، تسقي من تشاء ومن تحب ، و تمنعه عمن جحد و اعتدى و كذب و تولى ، وهذا احد أربعة معان للآية ، حيث يقول الإمام علي (ع) : ما من آية إلا ولها أربعة وجوه من المعنى ، وسأل سليم بن قيس الهلالي ، الإمام علي (ع) عن الحوض ! اهو في الدنيا أم يوم القيامة ؟ فقال الإمام علي (ع) : بل هو في الدنيا ) أي في الرجعة .
وفي الهداية الكبرى ، أن أبا أيوب الأنصاري سأل رسول الله صلى الله عليه و آله عن تزويج فاطمة الزهراء من أمير المؤمنين عليهما السلام ، في حديث طويل ، قال رسول الله (ص) :
( يا أبا أيوب ، أمر الله الجنة أن تتزخرف ، و شجرة طوبى أن تنتثر أغصانها في السبع سموات إلى حملة العرش ، و أن تحمل بأغصانها درّا و ياقوتا و لؤلؤا و مرجانا و زبرجدا و زمردا اصكاكا مخطوطة بالنّور ، هذا ما كان من أمر الله للملائكة و حملة عرشه و سكان السموات كرامة لحبيبه و ابنته فاطمة ووصيه علي .....[ و ساق الحديث بطوله] ، فقال أبو أيوب : يا رسول الله ، ما كان نحلتها ؟ (أي هديتها ) . قال رسول الله (ص) : يا أبا أيوب ، شطر الجنة ، و خمس الدنيا و ما فيها، و النيل و الفراتان و سيحون و جيحون ، و الخمس من الغنائم ، كل ذلك لـفاطمة (ع) نحلة من الله و حبا ، لا يحل لأحد أن يظلمها فيه بورقة . ) (40) .
إذن نعود إلى الموضوع فنقول : لقد جعل الله تعالى فيما قدّره من المقادير أن يتنافس الفرس و الروم على هذا القسم من الأرض ، أي وسط الأرض ، يدفع بهم هذا الطرف مرّة و ذاك الطرف مرّة كما قال تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) (41) ، فيؤيّد بهم من يشاء أن ينصره ، إلا أن كل من الروم و الفرس لا يعي هذه الحقيقة بقدرها الذي قدّره الله تعالى ، و عندما بعث الله تعالى آخر الأنبياء و ختم على يديه الرسالات المرسلة إلى أهل الأرض ، و بعد الملحمة التي وقعت في زمن المبعث المبارك بين الروم و الفرس كان مما أراده الله تعالى أن لا يكون في هذه الرقعة الجغرافية إلا دينه الحق ، دين الإسلام لله تعالى ، و أخرجها من سيطرة كل من الروم و الفرس على حدّ سواء ، ولكن إلى حين، وكان ملوك كل من الروم و الفرس يعلمون مما اُنزل على الرسل السابقين، أن القضية لم تنته بعد وان ملحمة أخرى قادمة ، ولكن ملوك كل من الروم و الفرس يعلمون أن حسم الموضوع بشكل ابدي يكون على يد الملك الذي يملك مشارق الأرض و مغاربها إلى يوم ألقيامه ، ومن الطريف أن يكون الرجل الذي يشيران إليه هو ذات الرجل ، هو ذات الملك .. الملك الذي كتب مصرا يم بن بيصر بن حام اسمه على قبره وكنز له الكنوز انتظارا لأمره ( الملك الذي من جدوده سبعة ملوك ، يدين للملك الديان ، و يؤمن بالمبعوث بالقرآن ، في عواقب الأزمان ) كما مرّ النص عن المسعودي .
فأمّا هرقل ملك الروم فله موقفان مميزان ، موقفه الأول من رسول الله صلى الله عليه و آله ، و موقفه الثاني من الإمام المهدي (ع) .
قال ابن عباس : ( إن أبا سفيان بن حرب بن أمية اخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجار بالشام في المدّة التي هادن فيها رسول الله (ص) أبا سفيان و كفار قريش ) ، ثم قصّ خبرا طويلا عن مسائل كثيرة سألها هرقل لأبي سفيان عن رسول الله ، عن نسبه و دعوته و سياسته و سلوك أصحابه وغير ذلك ، فعندها قال هرقل : " فان كان ما تقول حقّا ، يوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ، وهو نبي ، وقد كنت اعلم انه خارج ، ولكن لم أكن أظن انه منكم، ولو اعلم أني اخلص إليه لالتمست لقية ( لقاءا واحدا ) ، ولو كنت عنده لغسلت قدميه." .... قال أبو سفيان : فلما قال ما قال كثر عنده اللغط و اللجب و ارتفعت الأصوات ، و خرجنا ، فقلت لأصحابي حين خرجنا : " لقد ارتفع أمر ابن أبي كبشة، انه يخافه ملك بني الأصفر" ، ثم قال أبو سفيان : فما زلت مستيقنا انه سيظهر . ) (42) .
هكذا كان ملك الروم إذن يتتبع الأخبار عن النبي الموعود و يعرف صفته و سلوكه و أوان ظهوره ، وعندما أيقن انه هو تمنى لقائه و التشرف بغسل قدميه الشريفتين ، ولكن ملك الروم استلم رسالة النبي (ص) التي بعثها إليه يدعوه للإسلام ، ولم تسعده الأقدار على ما نوى ، فذكر الطبراني في خبر آخر أن هرقل رأى ملك الختان في السماء و استشعر الخطر من رجل مختون فسال عمّن يختتن فقيل له اليهود ، ثم جاء ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله و استخبر عنه فقيل له أن قومه يختنون فعرف انه هو ، وعندما جائه كتاب رسول الله (ص) جمع كبار قومه ، قال الطبراني :
(فأذن هرقل لعظماء قومه في دسكرة له بحمص ، ثم أمر بالأبواب فأغلقت ثم اطلع عليهم ، فقال : " يا معشر الروم هل لكم في الفلاح و الرشاد و أن يثبت لكم المُلك !!! تتبعون هذا النبي " . فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد أغلقت ، فلما رأى هرقل ذلك منهم و يئس من إيمانهم ، قال ردوهم علي ، فقال : " إني قلت لكم مقالتي التي قلت لكم آنفا لاختبر بها شدتكم على دينكم ، فقد رأيت منكم الذي أحب " ، فسجدوا له و رضوا عنه ) (43) . ومن الواضح انه تراجع عن رأيه و نيّته عندما وجد الظرف غير مناسب بسبب تعصب أركان ملكه ووزرائه و قادة جيشه .
وقُبض رسول الله (ص) ووقعت بعده معركة الفتح ، التي تنبأ ملك الروم خسارته المسبقة لها، وخرج من " أدنى الأرض" بوصيته للعرب التي قدمناها في بداية الجزء الأول عن الدار و مالكها وإخراجهم منها إذا افسدوا فيها ، وفي الختام وقبل خروجه من الشام ، كان موقفه من الإمام المهدي(ع) .
قال ابن الأثير في تاريخه : ( و سار هرقل و نزل بسمياط ، فلما أراد المسير منها علا على نشز من الأرض ثم التفت إلى الشام فقال : السلام عليك يا سورية ، سلام لا اجتماع بعده ، ولا يعود إليك رومي أبدا إلاّ خائفا حتى يولد المولود المشؤم ، ويا ليته لا يولد ، فما أحلى فعله ، و امرّ فتنته على الروم . ) (44) .
ولكن من هو هذا المولود المشؤم ! ولماذا هو مشؤم رغم قول هرقل " ما أحلى فعله " وكيف سيكون الأمر الذي قدّره الله تعالى ؟ ربما لم يكن ملك الروم يعلم التفاصيل ، ولكن الأكيد انه يعلمها بالإجمال ، ولو علمها بالتفصيل لم يكن ليصفه بالمشؤم ، بل كان سيقول ما قاله يزدجرد ، فذهب هرقل و جاء قيصر آخر من آل هرقل وولد هذا المولود الموعود ، و تلك قصة أخرى ترويها ابنة الملك ، السيدة نرجس رضوان الله عليها ابنة قيصر الروم ، والرؤيا التي رأتها عدة مرّات أن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (ع) خطبتها لابنها الإمام الحسن العسكري (ع)، وكانت الخاطبة السيدة العذراء البتول مريم (ع) خطبتها من يوشع بن نون وصي السيد المسيح (ع) لكون أن أمها من ذرية يوشع بن نون (ع) ، وهي قصة تطول ، روتها السيدة نرجس رضوان الله عليها و السيدة حكيمة (ع) شقيقة الإمام العسكري (ع) رواها الصدوق في كمال الدين ، فراجعها ، وكان ثمرة ذلك الزواج " الملك الذي من جدوده سبعة ملوك " ، حسب نبوءة النبي نوح (ع) التي آمن بها مصرايم بن بيصر قبل أربعة آلاف سنة ، وكان ذلك هو الإمام المهدي (ع) الذي يملك مشارق الأرض و مغاربها إلى يوم القيامة و يملأ الأرض قسطا و عدلا بعد أن ملئت ظلما و جورا ، وكان جدّه لأبيه خاتم الأنبياء و المرسلين ، وجدّه لامّه قيصر ملك الروم ، فان كان شؤما على مارقة الروم ، فهو رحمة للعالمين من كل الأمم لا يفضّل عربي على أعجمي إلاّ بالتقوى ، وهو الأب لكل البشر الصالحين كما كان أجداده رسول الله و علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما ( أبوا هذه الأمة ) .
أما يزدجرد ملك الفرس فقد كان أحمق بلا شك ، فقد أرسل إلى ملك الصين يستنجد به على العرب المسلمين ، فسأل ملك الصين رسول يزدجرد ( لتصف لي هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم ، فاني أراك تذكر قلّة منهم و كثرة منكم ، ولا يبلغ أمثال هؤلاء القليل مع كثرتكم إلا الخير عندهم و شرّ فيكم ) ثم سأل عن مسائل كثيرة ، عن لبسهم و دوابهم و طاعتهم لأمرائهم و سلوكهم في الحرب ووجه دعوتهم وغير ذلك.
وكان مما سأل عنه : ( هل يحلّون ما حرّم عليهم أو يحرّمون ما حلل لهم ؟ قلت لا , قال : فان هؤلاء القوم لا يزالون على الظفر حتى يُحلّوا حرامهم و يُحرّموا حلالهم . ) ، فكتب إلى يزدجرد يعتذر عن نصرته و ينصحه بالمسالمة معهم ، وكان جوابه : ( انه لم يمنعني أن ابعث إليك بجند أوله عندك و آخره بالصين بجهالة مني لحق الملوك عليّ ... ولكن هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولك لو يحاولون الجبال لهدّوها ، ولو خلا لهم سربهم أزالوني ما داموا على ما وصفت ، فسالمهم وارض منهم بالمسالمة ولا تهيجهم إن لم يهيجوك . ) (45) .
ولكن يزدجرد لم يستمع إلى النصيحة و ركبه العناد حتى كانت معركة القادسية ، وقُتل فيها من الفرس خمسون ألف و انقرض ملك كسرى ، إلا أن يزدجرد لم يهرب يائسا مدحورا يترقب مولودا مشؤما مثل هرقل ، بل هرب متوعّدا بالعودة المظفرة .
ففيما ذكره بن شهر آشوب ، عن محمد بن علي النوشجاني قال : (خرج يزدجرد هاربا في أهل بيته فوقف في باب الإيوان فقال : السلام عليك أيها الإيوان ها أنذا منصرف عنك و راجع إليك ، أنا أو احد من ولدي ، لم يدن زمانه ولا آن أوانه . ) ، قال سليمان الديلمي : فسألت الإمام الصادق (ع) عن معنى قوله " أو رجل من ولدي " ، فقال الإمام الصادق (ع) : ذلك قائمكم السادس من ولدي ، وقد ولده يزدجرد بن شهريار من قبل أم علي بن الحسين عليهما السلام شهربانوه بنت يزدجرد ، فهو ولده من الإمام الحسين عليه السلام . ) (46) .
و قيل انه عرف ذلك من طريق النجوم ، ولقد رمى إلى أمر بعيد .
أقول : فما بال جبابرة هذه الأمّة لا يؤمنون لا بنجوم ولا أخبار أنبياء و مرسلين ولا كتب سماوية منزّلة ، و يؤمنون فقط بوعود بوش و كوندوليزا رايس و بولتن ، بل لم يؤمنوا حتى بحكمة معاوية ، بشعرته الشهيرة التي لا يقطعها مع الناس ، الذي كان فقيها و حكيما فيما يتعلق بالمحافظة على الملك ، فذكر نعيم عن ابن ذي الكلاع قال : ( كنت عند معاوية فجاءه بريد من أرمينية من صاحبها ، فقرأ الكتاب فغضب ، فدعا كاتبه فقال اكتب إليه جواب كتابه ، فذكر أن الترك أغاروا على أطراف أرضك فأصابوا منها ، ثم بعث رجلا في طلبهم فاستنقذوا الذي أصابوا ، ثكلتك أمك ، فلا تعد لمثلها ولا تحركنهم بشيء ، ولا تستنقذ منهم شيئا ، فاني سمعت رسول الله (ص) يقول : إنهم سيلحقون بمنابت الشيح و القيصوم . ) (47) .
إلا أن جبابرة هذه الأمة لم يفقهوا أنفسهم ولو بمقدار معاوية ، فهاجوا الترك و إخوان الترك قديما في خوارزم شاه ، فهاجوا كأنهم يأجوج و مأجوج حتى دمّروا بلاد المسلمين و اسقطوا عواصمهم و ملكهم ، أما اليوم فقد تركوا أرضهم محتله من قبل إسرائيل و ذهبوا إلى الترك ، بل إلى اكبر أمم الترك وهم الروس في أفغانستان ، و هاجوهم ببطلهم المجاهد أسامة بن لادن و بأموال السعودية و دول الخليج ضد الخطر السوفيتي الذي يزعج أمريكا في أفغانستان ، و جيشوا جيوشهم لإعانة أمريكا على غزو العراق عام 1991، و الآن دبّروا لأمر أعظم من ذلك ، فجاءوا بطلائع الروم (قوات اليونفيل ) بضغوط مصرية ، سعودية ، أردنية ، شيطانية ، لمحاصرة حزب الله و نزع أسلحته تطمينا لأمريكا و إسرائيل ، و إطفاءا لأحقادهم الطائفية البغيضة ، ومن الواضح جدا أن ( السنيورة و الأحزاب ) فرحين جدا بقدوم القوات الفرنسية و الألمانية و الايطالية و النرويجية و التركية وووو ، كل ذلك من اجل محاربة حزب الله ، ولكن الأمر هو هو ، فإنهم يمكرون و يغدرون وما يمكرون إلا بأنفسهم ولا يغدرون إلا بأنفسهم " يهلكون أنفسهم وما يشعرون " فبما كسبت أيديهم ، وما ربك بظلاّم للعبيد , وبعدا للقوم الظالمين .

العرب و الفرس :

بعد هذا التعريف بخلفيّة و مستقبليّة العلاقة بين الروم و الفرس ، لنا أن نعود مرة أخرى إلى العلاقة بين العرب و الفرس ، و عندما نقول العرب نقصد الغالبية العظمى من العرب الذين يدينون بدين ملوكهم من بني العباس ، لنسأل و نتساءل : انه أمام كل هذه المخاطر و التحدّيات التي تواجهها الأمة اليوم ، ومع حاجة الأمة إلى كل من يقف معها ولو من باب المصالح المشتركة من الأمم الأخرى ، إلا أننا نجد أن ملوك العرب و شيعتهم لا يدّخرون وسعا في كيل السب و الشتائم و التهم لإيران و حكام إيران ، و رغم كل ما تبذله إيران و حكومتها من جهود لتطمين ملوك العرب و شيعتهم بمساندتها لهم و دفاعها عن حقّهم ، فان ما في نفوس هؤلاء لم يتغير ولم ينطفئ ما في قلوبهم من بغض ، فمن أين ذلك كله ؟؟؟
الجواب طبعا تقدم فيما قدمناه من بيانات ، ولكن للمزيد نعود إلى التاريخ و الروايات .
ففي حلية الأولياء لنعيم ، عن سعيد بن المسيب قال : ( لما فتحت خراسان بكى عمر بن الخطاب ، فدخل عليه عبد الرحمن بن عوف فقال : أتبكي يا أمير المؤمنين وقد فتح الله عليك هذا الفتح ؟ قال : ومالي لا ابكي ، لوددت أن بيننا و بينهم بحرا من نار، سمعت رسول الله (ص) يقول " إذا أقبلت رايات ولد العباس من عقبات خراسان ، جاءوا بنعي الإسلام ، فمن سار تحت لوائهم لم تنالهم شفاعتي يوم القيامة " . ) (48) .
أما ما ورد في كتاب الفتن لنعيم عن علي بن أبي طالب (ع) قال : (هلاك المسودة الأولى بالمسودة الثانية . ) (49).
ومن هاتين الروايتين المختصرتين نفهم كل الموضوع و خلفيته وما يضمر الناس في نفوسهم ، وذلك وفق النقاط التالية :
1ـ إذا كان ( أمير المؤمنين ) عمر، حزينا على نعي الإسلام و القلق يساوره على وجود الأمّة ، فكان عليه أن يسأل نفسه : من المسئول عن ذلك ؟ أليس هو و الذين انقلبوا على أعقابهم ، و بدّلوا نعمة الله كفرا و احلّوا قومهم دار البوار ، وذلك يوم السقيفة ؟
2 ـ إذا كان ملوك بني العباس و شيعتهم اليوم يبغضون أهل خراسان و الفرس ومن والاهم ، فقد أمرهم أبوهم عبد الله بن عباس بإكرام الفرس في المسودة الأولى ، فما بالهم يُكرمون الأولى التي فيها نعي الإسلام حسب قول عمر و يبغضون الثانية التي فيها نصر القائم من آل محمد ( ع) .
3 ـ إذا أصبح الأمر جليّا أن الموضوع كلّه موضوع ملك و عروش و سلطان لا علاقة له بدين ولا وجود امّة ، فمن الذي سن هذه السنة ؟
أجزاء من " الرسالة السرية"
من معاوية إلى زياد بن أبيه :
{ أبان عن سليم قال : كان لزياد بن سمية كاتب يتشيع وكان لي صديقا ، فأقرأني كتابا كتبه معاوية إلى زياد جواب كتابه إليه : " أما بعد ، فإنك كتبت إلي تسألني عن العرب ، من أكرم منهم ومن أهين ومن أقرب ومن أبعد ، ومن آمن منهم ومن أحذر ؟ وأنا - يا أخي - أعلم الناس بالعرب . انظر إلى هذا الحي من اليمن ، فأكرمهم في العلانية وأهنهم في الخلاء فإني كذلك أصنع بهم .... وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم ، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فإن في ذلك خزيهم وذلهم ، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحوهم وأن ترثهم العرب ولا يرثوهم وأن تقصر بهم في عطائهم وأرزاقهم ، وأن يقدموا في المغازي يصلحون الطريق ويقطعون الشجر ، ولا يؤم أحد منهم العرب في صلاة ولا يتقدم أحد منهم في الصف الأول إذا حضرت العرب إلا أن يتموا الصف . ولا تول أحدا منهم ثغرا من ثغور المسلمين ولا مصرا من أمصارهم ، ولا يلي أحد منهم قضاء المسلمين ولا أحكامهم فإن هذه سنة عمر فيهم وسيرته ، جزاه الله عن أمة محمد وعن بني أمية خاصة أفضل الجزاء ، فلعمري لو لا ما صنع هو وصاحبه وقوتهما وصلابتهما في دين الله لكنا وجميع هذه الأمة لبني هاشم الموالي ، ولتوارثوا الخلافة واحدا بعد واحد كما يتوارث أهل كسرى وقيصر ، ولكن الله أخرجها بأيديهما من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة ، ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب .
وليس في قريش حيان أقل وأذل منهما ولا أنذل ، فأطمعانا فيها وكنا أحق منهما ومن عقبهما ، لأن فينا الثروة والعز ونحن أقرب إلى رسول الله في الرحم منهما . ثم نالها قبلنا صاحبنا عثمان بشورى ورضا من العامة بعد شورى ثلاثة أيام بين الستة ، ونالها من نالها قبله بغير شورى . فلما قتل صاحبنا عثمان مظلوما نلناها به لأن من قتل مظلوما فقد جعل الله لوليه سلطانا .
وقد كنت حدثتني - وأنت يا أخي عندي صدوق - : أنك قرأت كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري ـ بالبصرة وكنت يومئذ كاتبه وهو عامل بالبصرة وأنت أنذل الناس عنده ـ وبعث إليه بحبل طوله خمسة أشبار ، وقال له : ( أعرض من قبلك من أهل البصرة . فمن وجدته من الموالي ومن أسلم من الأعاجم قد بلغ خمسة أشبار ، فقدمه فاضرب عنقه ) ، فشاورك أبو موسى في ذلك ، فنهيته وأمرته أن يراجع عمر . فراجعه وذهبت أنت بالكتاب إلى عمر ، وإنما صنعت ما صنعت تعصبا للموالي وأنت يومئذ تحسب أنك منهم وأنك ابن عبيد . فلم تزل بعمر حتى رددته عن رأيه وخوفته فرقة الناس فرجع . وقلت له :
( ما يؤمنك - وقد عاديت أهل هذا البيت - أن يثوروا إلى علي فينهض بهم فيزيل ملكك ) ، فكف عن ذلك .
وخبرني أن الذي صرفت به عن رأيه في قتلهم أنك قلت : إنك سمعت علي بن أبي طالب يقول : ( لتضربنكم الأعاجم على هذا الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا ) ، وقال : (ليملأن الله أيديكم من الأعاجم ثم ليصيرن أشداء لا يفرون ، فليضربن أعناقكم وليغلبنكم على فيئكم ) . فقال لك عمر : ( قد سمعت ذلك عن رسول الله ، فذاك الذي حملني على الكتاب إلى صاحبك في قتلهم ، وقد كنت عزمت على أن أكتب إلى عمالي في سائر الأمصار بذلك ) . فقلت لعمر : ( لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنك لن تأمنهم أن يدعوهم علي إلى نصرته وهم كثير وقد علمت شجاعة علي وأهل بيته وعداوته لك ولصاحبك ) ، فرددته عن ذلك .
وحدثتني أنك ذكرت ذلك لعلي بن أبي طالب في إمارة عثمان فأخبرك ( أن أصحاب الرايات السود التي تقبل من خراسان هم الأعاجم ، وأنهم الذين يغلبون بني أمية على ملكهم ويقتلونهم تحت كل حجر وكوكب ) . فلو كنت - يا أخي - لم ترد عمر عن رأيه لجرت سنة ولاستأصلهم الله وقطع أصلهم وإذا لاستنت به الخلفاء من بعده حتى لا يبقى منهم شعر ولا ظفر ولا نافخ نار ، فإنهم آفة الدين
فما أكثر ما قد سن عمر في هذه الأمة بخلاف سنة رسول الله ، فتابعه الناس عليها وأخذوا بها ، فتكون هذه مثل واحدة منهن . فمنهن تحويله المقام من الموضع الذي وضعه فيه رسول الله ، وصاع رسول الله ومده حين غيره وزاد فيه ، ونهيه الجنب عن التيمم ، وأشياء كثيرة سنها ، أكثر من ألف باب ، أعظمها وأحبها إلينا وأقرها لأعيننا ، زيلة الخلافة عن بني هاشم وهم أهلها ومعدنها ، لأنها لا تصلح إلا لهم ولا تصلح الأرض إلا بهم .
فإذا قرأت كتابي هذا فاكتم ما فيه ومزقه .
قال: فلما قرأ زياد الكتاب ضرب به الأرض ، ثم أقبل علي فقال : ( ويلي مما خرجت وفيما دخلت ، كنت والله من شيعة آل محمد وحزبه ، فخرجت منها ودخلت في شيعة الشيطان وحزبه وفي شيعة من يكتب إلي مثل هذا الكتاب . إنما والله مثلي كمثل إبليس أبى أن يسجد لآدم كبرا وكفرا وحسدا .
قال سليم : فلم أمس حتى نسخت كتابه .
فلما كان الليل دعا زياد بالكتاب فمزقه وقال : ( لا يطلعن أحد من الناس على ما في هذا الكتاب ) ، ولم يعلم أني قد نسخته . } (50)
ومع ذلك نقول ونؤكد على ما قاله رسول الله صلى الله عليه و آله (اليماني أهدى الرايات ) وهذا يجعل الرايات الأخرى القادمة من إيران أو غيرها دونها في الهدى .
ولكن الأمر الأهم من ذلك أن الغالبية الساحقة من الناس لا تفرق بين الفرس ، والخراسانيين ، والايرانيين .وكما بينا في الجزء الرابع فان إيران اليوم هي غير إيران المنتظرة التي يخرج منها الخراساني ، فإن ذرية خراسان هم اليوم تحت سلطة وولاية أولاد فارس إلى يوم الملحمة ، حيث يعود مُلك اليمن إلى ( اليماني ) وهو من ذرية تُبَّع الحميري ، ويعود مُلك خراسان إلى ( الخراساني ) وهو من ذرية خراسان ، ويعود مُلك الروم إلى آل هرقل .


الملحمـة فـي سورة مريم :

قال تعالى (} فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ * أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ) (51 ) .
وقد تقدم الحديث عن اختلاف الأحزاب في الملحمة العظمى ، اما قوله تعالى " فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ " فهو تعبير آخر ووصف آخر لهذا اليوم كما ورد في سورة هود ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) حيث يظهر فيه الأشهاد (ع) بعد احتجابهم ، ويقضي الله بينهم بالحق ويقضى الأمر فيتحسرون على ما فرطوا في جنب الله ( علي بن أبي طالب) ، ويرث الأرض الإمام المهدي (ع) والذين آمنوا معه ، فيقول (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) (52( .

الملحمـة فـي سورة ( الكهف ) :

قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا * أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) .
قال أمير المؤمنين (ع) : ( وللمهدي آية عظيمة ورؤى عليمة في سورة الكهف ، وتمام رايته في الصف .. وفي الكهف سر الفتية وآية عيسى وآية موسى ، في غار الجبل مجهل في محضن النائمين ببقية معبد إلى حين بيت المقدس ، والعبد منتظر له مقام ومقال ، وآه لو علمتم من ذا ذو القرنين في المآل .... يفتح الله للمهدي المفتاح ، فتدخل الروم في دين الله أفواجا دون سلاح ، ولا تجمع له الجند و الجيش إلا شياطين الروم ، وفتنة الدجال كيدا له بعدما علم المرسوم ، فلا تهزم له راية فيها رقم اسم الله الأعظم ... يجمع الله له الرقم والرقيم ، وتقوم قيامة تعجب لها الأمم ، وإن تسألوني ، فإن الكهف بحر المدد ومدد البحر ، ينفد ولا ينفد الكهف بالمدد من نقطة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ) (53) .
فإذا كانت كل هذه الأسرار في سورة الكهف فأي تفسير وأي شرح يمكن أن يوفيها حقها أو يسبر أغوارها ، ولكننا نقول ، قوله تعالى (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ) هم الروم في الملحمة العظمى ، وبالتحديد ( المحافظون الجدد ) والتيار اليميني المتطرف من النصارى ، بقيادة ( فرسان مالطا ) ، ولهم اليوم مدارس دينية متطرفة تربي حتى الأطفال على الحقد على كل ما هو إسلامي أو عربي ،ويصرون على قولهم ( ابن الرب ) .
وقوله تعالى (وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ) هم الإمام المهدي (ع) وأصحابه و المؤمنين به و الداعين إليه والمسلمين لأمره ، وقوله تعالى (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) هي "حضارة الروم " وعلومهم وصناعاتهم وعمرانهم والجنات الأرضية التي يعيشونها قبل الإمام المهدي (ع) ، وقوله تعالى (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ) وقد مر علينا كيف سيكون تأويل سورة الدخان ، وفي الصيحة حيث تكون الأرض ( كبيت أوقد فيه ، كما قال أمير المؤمنين "ع" ) ، فجعلها صعيدا جرزا بظهور الإمام المهدي (ع) حيث يقال للظالمين منهم كما قيل للذين من قبلهم ( بعدا للقوم الظالمين ) ، وقوله تعالى (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) فكما هو الظاهر من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، فان الإمام المهدي عليه السلام عنده رقم اسم الله الأعظم مكتوب في رايته ويجمعه مع "الرقيم" الذي عند الفتيه ، فيكون " سلاحا مزدوجا" لم ينزل على امة من الأمم من قبل ، مع تسابيح يعلمها الله للإمام المهدي (ع) تتنزل بها الأملاك ، وأمور عظام لا يدركها عقل احد منا.

الملحمـة فـي سورتي ( الرحمن ، و النازعات ) :
ِ
قال تعالى في سورة الرحمن ( وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (54 .
قال تعالى في سورة النازعات ( إنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ( (55) .
يبين من النص اللاحق من الجفر عن أمير المؤمنين (ع) : أن الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ، التي وردت في سورة الرحمن ، هي التي كأنها القصر أو منشآت كالقصور تجري على الماء في البحر ، و ترمي بشرر كجذوع النخل و أصول الشجر، وما أشبه هذه الجوار بالقصور في طوابقها المتعددة و متاعها و صناعتها ، وما أشبه الصواريخ التي تطلقها بجذوع النخل و السيقان الغليظة للشجر ، و الموضوع كله حول السفن و البوارج الحربية وحاملات الطائرات والقطع العسكرية البحرية لحلف الناتو من جانب و روسيا والصين وحلفاؤهم من جانب التي ستشترك في معركة ( وادي مجدون ) حسب قول الإمام علي (ع) و المعروفة بمعركة ( هرمشدون ) تاريخيا في كتب الملاحم ، وقول أمير المؤمنين عليه السلام يحل ويفسر كل الإشكالات التي وقع بها المفسرون في تفسير آية سورة النازعات ، واليك نموذج من التفسيرات :
في مجمع الزوائد : عن ابن مسعود في قول الله تبارك وتعالى ( ترمي بشرر كالقصر ) قال إنها ليست كالشجر و الجبال ولكنها مثل المدائن والحصون ) (56)
وفي تفسير القمي : ترمي بشرر كالقصر كأنها جمالات صفر ، تدق كل من صار إليها مثل الكحل ، فلا تموت الروح كلما صاروا مثل الكحل عادوا ) (57)
وفي التبيان للطوسي : جمالة وجمالات جميعا جمعان ، كأنه جمع الجمع مثل : رجال ورجالات ، وبيوت وبيوتات ، والهاء في قوله ( كأنه ) كناية عن الشرر . وهذا حكاية ما يقول الله تعالى للكفار المكذبين بيوم الدين يوم القيامة ) (58)
وفي مجمع البيان للطبرسي: ( إنها ترمي بشرر ) وهو ما يتطاير من النار في الجهات ( كالقصر ) أي مثله في عظمه وتخويفه ، تتطاير على الكافرين من كل جهة ، نعوذ بالله منه ، وهو واحد القصور من البنيان ، عن ابن عباس ، ومجاهد . والعرب تشبه الإبل بالقصور ) (59)
وفي الميزان للطباطبائي : قوله تعالى : " إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر " ضمير " إنها " للنار المعلومة من السياق ، والشرر ما يتطاير من النار ، والقصر معروف ، والجمالة جمع جمل وهو البعير . والمعنى ظاهر ) (60) .
ولا ادري كيف هو ظاهر ؟؟؟
وفي تفسير القرطبي : ثم وصف النار فقال : " إنها ترمي بشرر كالقصر " الشرر : واحدته شررة . والشرار : واحدته شرارة ، وهو ما تطاير من النار في كل جهة ، وأصله من شررت الثوب إذا بسطته للشمس ليجف . والقصر البناء العالي ، والقصرة : الواحدة من جزل الحطب الغليظ . ) (61)
وفي مستدرك الحاكم : عن ابن عباس رضي الله عنهما وسئل عن هذه الآية " إنها ترمى بشرر كالقصر" ، قال : كنا في الجاهلية نقصر الخشب ذراعين أو ثلاثة فنرفعه في الشتاء ونسميه القصر ، قال وسمعت ابن عباس وسئل عن جمالات صفر قال حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى يكون كأوساط الرحال ) (62).
وهكذا كل التفاسير ، ووالله لا لوم عليهم ، فمن أين لهم أن يعلموا هذه الأسرار القرآنية وخفاياها .
و كاد ابن عباس وابن مسعود أن يلامسوا الحقيقة ، بقول ابن عباس (حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض ) وقول ابن مسعود (إنها ليست كالشجر و الجبال ولكنها مثل المدائن والحصون ) وقول ابن عباس (كنا في الجاهلية نقصر الخشب ذراعين أو ثلاثة فنرفعه في الشتاء ونسميه القصر، وقوله أيضا أعناق النخل) إذ ربطت هذه الأقوال بين السفن ، و بين جذوع النخيل و السيقان الغليظة للشجر التي يتراوح طولها بين عدة اذرع
بينما يتضح ذلك من قول أمير المؤمنين عليه السلام :
(وتكون لهم عيون تتلصص من فوق السحاب، وجواري بالبحر كالأعلام ، يخزنون النار بها بهيئة ماء وتراب ، تنشر نشرا، وترمي كالقصر لهيبا، وتفرق الأمر فرقا، وتطمس الخير طمسا، فتنة وقدرا، تهلك بشرا، وتهدد غضبا المستضعفين في الأرض ، غير المسلم أو مسلما حقا) فبعد وصفه للأقمار الاصطناعية التجسسية التي تتلصص من فوق السحاب وتوجيهها للسفن والقطع البحرية ، وصف هذه القطع العسكرية البحرية وما تفعل ...
يتضح من كل ذلك أن التشبيه بقوله تعالى ( كالقصر ) يتضمن كلاًّ من الرامي و المرمي ، فالرامي ( كالقَصْر) ـ مدائن وحصون تسير على الماء ـ والمرمي (كالقَصَر) وهي المقذوفات التي تقذفها ( الصواريخ ) كأنها جذوع النخل والسيقان الغليظة للشجر ، والحديث كله عن الملحمة العظمى ، ومن هنا نطلق ذهن القارئ للتفكر في آيات السورة (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ* لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ) حيث ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى الثلاث شُعب : بأنها ثلاث شُعب من النار ، ولعله يرمي إلى ثلاث أنواع من القصف ، البر و البحر و الجو ، والله العالم .

الملحمة في سورة الصافات:

قال تعالى ( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا * إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ* إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ* لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ* ) (63) .
ولنستعرض ما يقوله المفسرون :
في مجمع البيان قال الطبرسي : قال أبو عبيدة . كل شيء بين السماء والأرض ، لم يضم قطريه ، فهو صاف ، ومنه الطير صافات : إذا نشرت أجنحتها . والصافات : جمع الجمع ، لأنه جمع صافة . والزجر : الصرف عن الشئ ، لخوف الذم والعقاب . المارد : الخارج إلى الفساد العظيم ، وهو من وصف الشياطين ، وهم المردة .
المعنى : ( والصافات صفا ) اختلف في معنى الصافات على وجوه أحدها : إنها الملائكة تصف أنفسها صفوفا في السماء. وثانيها : إنها الملائكة تصف أجنحتها في الهواء إذا أرادت النزول إلى الأرض . وثالثها : إنهم جماعة من المؤمنين يقومون مصطفين في الصلاة ، وفي الجهاد ، عن أبي مسلم .
( فالزاجرات زجرا ) اختلف فيها أيضا على وجوه أحدها : إنها الملائكة تزجر الخلق عن المعاصي زجرا ، وثانيها : إنها الملائكة الموكلة بالسحاب ، تزجرها وتسوقها ، وثالثها : إنها زواجر القرآن وآياته الناهية عن القبائح ، ورابعها : إنهم المؤمنون يرفعون أصواتهم عند قراءة القرآن ، لان الزجرة الصيحة . (64)
وعن القمي ، في تفسيري الصافي ، ونور الثقلين : في تفسير على بن ابراهيم والصافات صفا قال : ( الملائكة والأنبياء عليهم السلام ، ومن وصف الله عزوجل عبده فالزاجرات زجرا الذين يزجرون الناس فالتاليات ذكرا الذين يقرؤن الكتاب من الناس ، فهو قسم ، وجوابه : إن إلهكم لواحد رب ) . (65)
وعن الطباطبائي في الميزان : ( الصافات - على ما قيل - جمع صافة وهي جمع صاف ، والمراد بها على أي حال الجماعة التي تصطف أفرادها والزاجرات من الزجر وهو الصرف عن الشئ بالتخويف بذم أو عقاب والتاليات من التلاوة بمعنى القراءة . وقد أقسم الله تعالى بهذه الطوائف الثلاث : الصافات والزاجرات والتاليات وقد اختلفت كلماتهم في المراد بها.) (66).. ثم أورد الأقوال التي سبقت
وقد سبق له أن قال في ج 15 معبرا عن الحكمة من هذا القَسَم :
ولعل ذلك من باب اختيار أمور من أعاجيب الخلقة للذكر ، فإن ظهور الموجود العاقل الذي يدل عليه لفظ من في السماوات والأرض من عجيب أمر الخلقة الذي يدهش لب ذي اللب ، كما أن صفيف الطير الصافات في الجو من أعجب ما يرى من أعمال الحيوان ذي الشعور وأبدعه . (67) ؟؟؟؟
وقال مجاهد : ( قوله والصافات صفا قال يعني الملائكة فالزاجرات زجرا قال يعني الملائكة فالتاليات ذكرا قال يعني الملائكة (68)
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره : قال أبو جعفر : أقسم الله تعالى ذكره بالصافات ، والزاجرات ، والتاليات ذكرا فأما الصافات : فإنها الملائكة الصافات لربها في السماء وهي جمع صافة ، فالصافات : جمع جمع ، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل .: حدثني سلم بن جنادة ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الاعمش ، عن مسلم ، قال : كان مسروق يقول في الصافات : هي الملائكة . (69)
وقال القرطبي في تفسيره :والمراد ب " الصافات " وما بعدها إلى قوله : " فالتاليات ذكرا " الملائكة في قول ابن عباس وابن مسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة . وقيل : هي الطير ، دليله قوله تعالى : " أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات " [ الملك19] . والصف ترتيب الجمع على خط كالصف في الصلاة . والصافات " جمع الجمع .. واستعرض الأقوال السابقة . (70) .
وخلاصة أقوال المفسرين : أنها ملائكة ، أو طيور ، أو مؤمنون صافون لأقدامهم ، واجمعوا على أنها شيء له أجنحة استشهادا بقوله تعالى في سورة الملك ( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ) .
فما هو التفسير الحقيقي لهذه السورة ؟
في البداية نقول : إننا لا نلوم احد من هؤلاء المفسرين ، ونقدر جهودهم كل التقدير ، ولكن نعتقد بان رسول الله صلى الله عليه وآله قد فسّر ذلك تفسيرا وافيا شافيا ، ثم فسّره أمير المؤمنين عليه السلام تفسيرا أكثر وضوحا وأكثر دقة وتحديدا ، ومن اللافت أن المفسرين التفتوا إلى شيء له أجنحة ، وليس في أذهانهم شيء له أجنحة إلا الملائكة والطيور ، ولكنهم لم يلتفتوا إلى الوعيد والتخويف بهذه الأجنحة وما ستفعل ، بل ذهب بعضهم ـ كما عند الطباطبائي ـ إلى عجيب أمر الخلقة الذي يدهش العقول !!! بينما تقول السورة (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ) فان الاستعراض القرآني لهذه الأجنحة جاء في سياق المقارنة والتشبيه للشهب والنيازك التي تقذف بها مردة الشياطين ، وكذلك هذه الصافات ذوات الأجنحة ، أن فيها قذف ، وفيها عذاب واصب ، كالشهب والنيازك لمردة وجبابرة الأرض ،ولكن هذا هو سبيل المفسرين الذين لا يربطون بين كل عناصر الآيات ، وكأنها جزافية لا ترابط بينها .
على أية حال ، نقول : أن المقسوم عليه : ( إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ * رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ) بعد استعراض الصافات صفا والزاجرات زجرا وهو المقسوم به ، يدل على فرق مختلفة ومتقاتلة ، يسلط الله عليها عذاب الصافات ( الأجنحة) ، وهذه الفرق كل منها يزعم انه يقاتل باسم الدين ودفاعا عن الحق الإلهي وان كل فرقة منهم يرون أنهم ( أبناء الله وأحباؤه ) كما قال تعالى ، وبنفس الوقت يكفّر جميع الفرق الأخرى ،كما قال تعالى (وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ) (71) فهي ليست خاصة باليهود والنصارى ، بل بكل الذين لا يعلمون ، والمسلمون وحدهم ثلاث وسبعون فرقة يكفر بعضهم بعض ، وكل هذه الفرق المتقاتلة من مسلمين او يهود او نصارى يكفر بعضهم بعض ، ولذلك فان الله سبحانه يفند مزاعمهم بقوله تعالى ( إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ) ، كما احتج بذلك ودعا إلى الاحتجاج به على أهل الكتاب ، كما في قوله تعالى ( وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (72) ، ولكن " الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ " لم ينفع معهم هذا الاحتجاج ، فجاءهم ما كانوا يوعدون ، ومما كانوا يوعدون به عذاب (الصافات صفا) .
فما هي الصافات صفا، الزاجرات زجرا ؟
الجواب : هو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديث الذي قدمناه في الجزء الأول ( ويل لهم من هرج عظيم الأجنحة ، وما الأجنحة ، والويل في الأجنحة ، رياح قفا هبوبها ، ورياح تحرك هبوبها ، ورياح تراخي هبوبها ، ألا ويل لهم من الموت السريع والجوع الفظيع والقتل الذريع ، يسلط الله عليها البلاء بذنوبها ، فيكفر صدورها وتهتك ستورها ويغير سرورها ، ألا وبذنوبها تنتزع أوتادها وتقطع أطنابها وتكدر رياحها ويتحير مراقها ، ألا ويل لقريش من زنديقها ، يحدث أحداثا يكدر دينها ويهدم عليها خدورها ويقلب عليها جيوشها ، ثم تقوم النائحات الباكيات ، باكية تبكي على دنياها وباكية تبكي على ذل رقابها وباكية تبكي من استحلال فروجها وباكية تبكي من قبل أولادها في بطونها وباكية تبكي من جوع أولادها وباكية تبكي من ذلها بعد عزها وباكية تبكي على رجالها وباكية تبكي خوفا من جنودها وباكية تبكي شوقا إلى قبورها) (73) .
فهي أجنحة عظيمة فيها هرج : يعني قتل ، فهي تشكيلات وأسراب الطائرات القاصفة والقاذفة والمقاتلة ، ذوات الأجنحة التي تحمل صوارخها في أجنحتها ، ورياح قفا هبوبها : وصف لها بأنها نفاثة تطير بقوة الدفع للريح ونار الوقود الذي يخرج من قفاها ، ورياح تحرك هبوبها : فبعد الرياح التي تنفثها وتقلع بها إلى الطيران تحتاج إلى الريح التي تصطدم بالأجنحة وتتحكم الدفة التي في الجناح للتحكم بالمناورة وتغيير الاتجاه ، ورياح تراخي هبوبها : فبعد طيرانها واكتسابها السرعة ، لا تنتفي حاجتها إلى الريح ، بل أنها عند هبوطها على المدارج الخاصة بها أيضا تهبط عن طريق التحكم بمقدار قوة وتوجيه الريح ، وفيها الموت السريع والقتل الذريع ، وقوله صلى الله عليه وآله (ويهدم عليها خدورها ويقلب عليها جيوشها ) قول واضح ومبين أنها أسلحة تستخدمها الجيوش ، تخرب وتدمر الخدور وتهتك الستور وتثير الرعب والفزع ، ثم تقوم النائحات الباكيات .
ولو أن احد المفسرين يعيش اليوم في العراق منذ حرب الخليج الأولى عام 1991 والى اليوم ويرى ما تفعله الطائرات الأمريكية بشعبنا ومدننا ، ويرى الهلع والرعب عند الأطفال والكبار على حد سواء بمجرد مرور هذه الطائرات وما تحمل في أجنحتها ، لسخر من نفسه ومن تفسيراته عن الطيور الجميلة المدهشة التي هي رمز للسلام ، وليس للحرب والقتل الذريع و .... للزجر عن المعاصي .
فهذا ما يقوله رسول الله صلى الله عليه وأله ، وهذا ما يصف به الصافات ذوات الأجنحة ، أما ما يقوله أمير المؤمنين عليه السلام فهو أكثر تحديدا ، فيقول عليه السلام (جيوش وقعاقع سلاح لا تعرفون اليوم مثله ، أترون النسر و الصقر و البوم و كل طير، مثلها وبأسمائها تقذف السحاب نارا و أهوالا ) فإن الغالبية العظمى من أسماء الطائرات ـ سواء كانت عند حلف الناتو أم عند حلف وارشو الذي ورثته روسيا ـ فإن أسماء هذه الطائرات مشتق من أسماء الطيور الجارحة ، والحديث في السورة المباركة هو كله عن الملحمة العظمى ـ ملحمة الملاحم ـ كما في الروايات .
وقد سبق التفسير في الجزء الرابع للذاريات في قوله تعالى (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا* فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا ) بان الذاريات : هي قاذفات القنابل الذرية ، والحاملات وقرا : هي السحب الناتجة عن الانفجارات النووية وما فيها من الإشعاعات القاتلة والعصف المدمر ، وان الجاريات يُسرا : هي الأساطيل البحرية من حاملات طائرات وسفن ومدمرات وفرقاطات وربما غواصات ، فلماذا خصّ القرآن الكريم سورة أخرى للطائرات ؟
فنقول : أن الذاريات لا تقتصر على القاذفات الإستراتيجية من ذوات الأجنحة ، التي تطير بشكل أسراب وتشكيلات وصفوف ، بل تشمل الذاريات كل قاذفات القنابل الذرية والصواريخ ، بما في ذلك منصات وقواعد إطلاق الصواريخ النووية ، فجميعها ذاريات ، وجميعها تتسبب بحاملات وقرا ( أي السحب والغيوم النووية ) وأما الصافات صفا ، فلا يشترط فيها أن تكون ذاريات ( أي حاملة للأسلحة الذرية) ، بل كل ما يطير بشكل صفوف وتشكيلات وأسراب ، سواء كانت حاملة للأسلحة التقليدية أو الإستراتيجية الذرية ، كما أنها يمكن أن تشمل الطائرات السمتية المروحية ( الهليكوبتر) عندما تطير بأسراب وصفوف ، وفعلها فعل ذوات الأجنحة ، وصفتها صفة ذوات الأجنحة ، فالكل يعتمد في حركته و مناورته و هبوطه على الريح و هبوب الريح .
وكما هي أطروحتنا الثابتة ، فان هذا هو تأويلها في قيام الساعة ، ولابد أن يكون لها تأويلات أخرى في أيام الله الأخرى ، فإنها تبقى صافات وذوات أجنحة ولكن لا نعرف بأي طاقة تعمل ولا أي نوع من أنواع السلاح سيكون العذاب الواصب ، فلابد انه شيء يفوق الخيال .
أما قول المفسرين : (إنهم جماعة من المؤمنين يقومون مصطفين في الصلاة ) فان القرآن الكريم لم يصفهم بالصافات ، بل بـ ( الصافون ) وذلك قوله تعالى (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (74) ، وهذا القول في كتاب الله ليس للمؤمنين عامة ، بل هو قول خاص برسول الله والأئمة من أهل بيته صلوات الله عليهم ، فهم الصافون المسبحون حول العرش قبل خلق الخلق ، وتعلمت الملائكة منهم التسبيح ، فهم الذين يتكلمون عن أنفسهم وفضلهم يوم الرجعة ويوم القيامة فيقولون (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ) فيُبلس المجرمون و لا يستطيعون الرد و المجادلة ، لان فضلهم على جميع الخلائق أصبح واقعا .
ونجدد القول ، بان هذا ليس استنباطا منا بل هو قول أئمة أهل البيت عليهم السلام.

الملحمة فـي الجفر الأعظم :

أما الحقائق المذهلة و العجيبة عن الملحمة العظمى وكل أسرارها ، فهي في " الجفر " الذي هو وعاء من ادم فيه علوم جميع النبيين ، وروي عن أمير المؤمنين (ع) في بصائر الدرجات ص 160 وفي الكافي ج1ص 239 عن الإمام الصادق (ع) حديثين طويلين ، ما ملخصه ، انه ترجمة ألواح التوراة التي كتبت لموسى (ع) .
وقد قال تعالى فيما سيجري على هذه الأمة وعلى بني إسرائيل وعلى العالم اجمع زمن وعد الآخرة ، قال تعالى ( إن ذلك لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى ) (75).

أمريكا .. و الإمام المهدي (ع) :

في الجفر قال أمير المؤمنين عليه السلام: ( وما يكون من باب مغلق إلا يفتحه الله للمهدي ، ولو كانت وراء الباب بحار و انهار و جيوش وقعاقع سلاح لا تعرفون اليوم مثله ، أترون النسر و الصقر و البوم و كل طير، مثلها وبأسمائها تقذف السحاب نارا و أهوالا، وما كان من سحاب صعب، فيه برق و رعد ، فصاحبكم المهدي يركبه ، يعلمه الله فوق ما تعلمه الذي عنده علم من الكتاب ، ويكذب الكذاب في الكتاب ، و دعاوى رؤؤس على أبواب جهنم ، كلام كثير يسمعه الناس في كل مكان يرون المتكلم فيه .
وقائل يقول : " العالم الجديد " ، وما هو بجديد ، و داع من ارض يقال لها " الجديدة " ، وما هي بجديدة ، لكنها قديمة ، سكنها أصحاب الوجوه الحمراء، و اسم الرجل منهم " احمر" ، يعرفهم بعوث ، يسلم ملوكهم لله ، يعبرون بحر الظلمات ، ويزرعون الشجرة الطيبة التي يحرق فروعها المسيخ الدجال ولا يقلع جذورها ، ولكن يحارب من الأرض العظيمة كل بذور غرسها صالحون إلا ما شاء الله ، ذليلا يعيش ليعلم انه مقهور وكذاب وان الأمر لله جميعا، لكنه جل جلاله يضل من يشاء فيعلم أقواما لا يتأثم احدهم من الذنب ، ولا يتحرج من لمس العورة وعمل صنم لها ، يسيرون وراء إسرائيل ويكون منهم أئمة الضلالة والدعاة إلى جهنم ، يركب مركبهم ملوك وأمراء جعلوهم حكاما على رقاب الناس فأكلوا بهم الدنيا، والله لو شئت لسميتهم بأسمائهم، وآل فلان ، وآل النون ، وآل العود، والمتبرك، والمتعرف ، و المتيمن، والمتمصر، والقاذف بالكلام ، والصادم بالنار، والفاتن بالفتن، ومنهم الملك ، والقيل ، والأمير، والرأس ، والوالي ، والزعيم .
في زمنهم يضيع المسجد الأقصى ، ويعود مع صحابي مصر، وجمع ابن مصر قبله لقاضي إسرائيل مع قاضي القدس ، لكن إسرائيل تعلوا بالفساد والنفير والنار، و العرب غثاء كغثاء السيل كما اخبر رسول الله صلى الله عليه واله، فيخرج صاحب مصر من خفاء وصمت طويل، ويفتح كهف الأسرار، وينادي بالثار الثار، ويمهد للمهدي "ع " ، و إنما الناس مع الملوك والدنيا ، والدين مع الغرباء ، فطوبى لهم حتى يخرج لهم مهدي آل البيت ، بعد ما يزلزل الله ارض الحمر المسروقة، ويتمنى الناس العدل، ويعلي الله شان آل محمد ، يظهر بلال ومن تحنف في نجوم خمسين ، ليست في السماء ، إنما هي بالأرض العظيمة ، لكن نجمة إسرائيل المرسومة في خطوط الدرع تبلعهم جميعا زمان وعد الآخرة لهم ، الذي يسوؤن فيه وجوه كل العرب ، وتبكي امة خالفت رسولها وأطفأت بيدها مصباحها .
ولا تتفرق الأرض الجديدة ـ وما هي بجديدة ـ ولكن تعتصم بالمسيح ابن مريم لتنصره ، ويكذبون على الله ، فما اتخذ الله ولدا وما كان معه اله ، ولكن الكذاب الدجال يدخل تدجيلا ، ويزين القواطع الخمسين بزهرة الحياة الدنيا ، ويربط المدائن الخمسين بحبل بني إسرائيل الآتي من جبل صهيون، يبغي الفساد في الأرض و علوا للظالمين، ويسمونها " بلاد الأمارك " ، ويكون قائدها مع بني إسحاق و بني إسرائيل ، يجمع أمشاج الناس على لغتهم ، و يدعوهم بدعوتهم ، وتتم ببلاد الأمارك الفتنة ، بعدما نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها، و أسالت لهم الدنيا جداول نعمتها ،و رتع إبليس في مدائنها و أزقتها ، وشعب شعابها وهتك عرضها ، و يظهر عندهم دين إبليس ، شهوات وغرور ، وسراب الظهيرة لعطش العيش ، فيصبحون في النعمة غارقين ، وفي خضر عيشها فكهين ، بعلومهم فرحين، قد تربعت الأمور لهم في سلطان خبيث ، و آوتهم الحال إلى كنف غير غالب، للدنيا فقط مطالب ، راغب لا ذاهب ، فهم حكام على أطراف الأرض، يعرفون ما يجري فيها في مسارات الطول و العرض، وتكون لهم عيون تتلصص من فوق السحاب، وجواري بالبحر كالأعلام ، يخزنون النار بها بهيئة ماء وتراب، تنشر نشرا ، وترمي كالقصر لهيبا ، وتفرق الأمر فرقا ، وتطمس الخير طمسا ، فتنة وقدرا ، تهلك بشرا ، وتهدد غضبا المستضعفين في الأرض ، غير المسلم أو مسلما حقا ، ويجعل الله حجته على بلاد ألأمريك ، فيلعنهم بما عصوا وكانوا يعتدون ، ولا عن منكر يتناهون ، وفي الأرض يفرحون ، عتوا أو غلوا لا ينتهون ، وتعلوا إسرائيل برجال منهم يملكون العرش الأبيض ، يبغون الفساد في الأرض ، منهم الأشد بغيا على من يقول محمد رسول الله ( أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ) (76) ، وينزل المهدي في بلاد ألأمريك من فوق السحاب ، في بضع قباب من نور الشمس ، لها نور في الظلام كالقمر والنجوم ، ويهدّ الله بلاد ألأمريك هدّا وخسفا ، تأكل الأرض في جوفها والطوفان في امواهها ، بلاد وشعوبا ، " الجديد" اسم كثير عندهم ، ويبقى منهم " جديد ، وجديد ، وجدد " عبرة لمن يصنع الكذب و الذهب ، تضيع هباءً منثورا ـ بأمر الله ـ قرونه في الجهد و التعب، ولولا ميعاد الله ، لكان منتهاه كقارون، وهو من قوم موسى، فلا تعجبون ، فإسرائيل فتنة الأرض في باقي زمنها الممتد (} فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ) (77) ، ويخلد الدجال الكذاب إلى الأرض ( فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) (78 ( .
ويقص أهل الكتاب انه يملك من البحر إلى البحر، ومن آخر الأرض إلى أقاصي الأرض ، ولكن علمنا من الكتاب الحق ، انه لا يظهر حتى يخلع المهدي من الأرض ثوب الباطل ، ويرفع سيف الحق ، ولولا وعد الله لقتله الغم بخروج مهدي آل بيتنا، فيملك المهدي بالحق وللحق ، من البحر الكبير إلى البحر الصغير، ومن أدنى الأرض إلى أقصى الأرض ، ويرقى في أسباب السماوات والأرض، ويذل الله له ألأمريك كلّهم، وتؤذّن لا اله إلاّ الله محمد رسول الله في كلّ أرضهم ، ولا يبقى لها مخالفا إلاّ منتظرو المسيح ابن مريم، في عدلها ، يعاهدون المهدي عهدا و يجزي الله المفترين ، ومن طابت لهم الخديعة من صانع العجل ، الم تقرأوا " إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ " (79) ، وأيام غضب يحوطها عجب . ) (80).
وقال كلام آخر في الجفر : ( يهبط من السماء على بلاد الامريك في الحائط الغربي من الأرض كويكب العذاب عندما تكتفي المرأة بالمرأة والرجل بالرجل ويرضى الحاكم هناك بالدم البريء يسيل في قدس الله ويحمل أكداس الذهب لمن عليه الله غضب , ويملا مائدة اليهود بالطير الدسم كأنه اليخت العظيمة , وبالبيض المكنوز سما ونارا فيرسل الله عذاب الرجفة على الامريك و تمطر السماء ويل لهم , وتشب نارا بالحطب الجزل غربي الأرض فيرون معهن موتات وحصد ونبات وآيات بينات فابشروا بنصر من الله عاجل وفتح فتوح إمام عادل ، يقر الله به أعينكم ويذهب حزنكم ويكون فرقانا من الله بين أوليائه وأعدائه ,وان لكل شيء أنى يبلغه لا يعجل بشيء حتى يبلغ اناه ومنتهاه فاستبشروا ببشرى ما بشرتم وطوبى لذي قلب سليم أطاع من يهديه وتجنّب من يرديه , ودخل مدخل الكرام فغنم السلامة , وحذر قارعة قبل حلولها ، ترج الأرض رجا شرقا وغربا أعلاها وأسفلها ليس إلاّ من نجّاه الله , للواقعة زئير الرئبال ، يفتك بنساء كالرجال ورجال كالجبال ودور رفعت للشيطان رايات لها ومض النجوم ,تحرق و تغرق البلاد وبلاد تعوم ياويلها وياويلها ثم ياويلها عند دوران الفلك لهذا اليوم ، الم تقرأوا قول الله عز وجل :( فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ * فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (81) ، واقرأوا إن شئتم :( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(82).
وقال عليه السلام في كلام آخر في الجفر : (...وينذر الروم بإطلاق سراح موت فتاك محبوس بقنينة عجيبة ، فينذرهم المهدي سلاح اسمه الصارخ ، له صوت الزلزال ، ويأكل هام البشر كقذف البركان لمن رأى البركان ، نارا هائلة من باطن الأرض تخرج من مكمن ومخبأ , وتطير في السماء عاليا جدا , ثم تهبط بموت ينزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر , وله نار لا تبقي ولا تذر ، ينادي على الروم إنها لوّاحة لمن غدر ، فيطلب ملك الروم الهدنة ، ويأبى المهدي إلا أن يدخل بلده ، فيصالح المهدي على العطاء ، ولا يبقى في بلد الروم أسير إلا خرج ، وعلموا لو غدروا هدّها وجعل أعاليها اسافلها ...) (83).
أقول : لا نريد أن نعلّق كثيرا على النص ، فقد تكلم هنا عليه السلام حيث سمى الأشياء بمسمياتها ، دون رموز ، ولكن للتوضيح ، فان أسماء المفسدين من ملوك بني العباس الذين سماهم هنا ( القاذف بالكلام : هو ألقذافي ، الطويل اللسان وفعله جبان ) و (المتبرك : هو حسني مبارك ) و ( آل النون : هم آل الحسن في المغرب ، وآل الحسين في الأردن ) و (الصادم بالنار : هو صدام حسين ) و ( آل العود : هم آل سعود ) و (فتان الفتن : آل الصباح في الكويت ) ،و ( المتعرف) يشمل كل من آل عارف (عبد السلام و عبد الرحمن، في العراق ) ويشمل ( عرفات )، والمتيمن ( احمد زكي يماني ) .
والأعجب من ذلك تسميته لأنور السادات و حافظ الأسد هكذا ، قال عليه السلام : ( جند مصر يكسرون رقبة إسرائيل الكذاب ، ويثقبون السد في الأرض المباركة لما قادهم احمد ، وصدّق محمد ، و جرّب النعجة أن يكون أسدا ، فوضع يده بيد سادات.. أنور سنوات و أظلم سنوات ، و يقضي الله أمرا ، و تنفصم عرى بيوت العرب ، يبصق بعضهم في وجوه بعض ، في رقّ منشور يفرح له قلب إسرائيل و رأسها . ) (84) .
ويعني بالسد الذي يثقبونه ( خط بارليف ) ، والحديث هو عن حرب تشرين ( 1973 م ) ، وتفريط السادات بنتائج هذا النصر في اتفاقية (كامب ديفد ) ووصفه بأنه ( أنور) لقيامه بالحرب لتحرير الأرض ، و ( اظلم ) لانخراطه في اتفاقيات كامب ديفد ، وبالطبع فان هذا الوصف منه عليه السلام لمن يقاوم ويحارب من اجل تحرير بلده والدفاع عن الحرمات ، والأظلم ( من الظلام ) لمن يعقد الاتفاقيات ويعطي العهود ، وتلاحظ روعة اللحن هنا في كلامه عليه السلام .
ثم وصف عليه السلام مقتل السادات قبحه الله هكذا .. ( ويدور زمان على الكنانة يفجر بها الفاجر ويغدر بها الغادر، ويلحد فيها أقوام ، يقولون " إن هي إلا أرحام تدفع و ارض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر ، ويمحو الله الخاسر بالظافر، خلط صالحا وسيئا ، يقتله قاتل وهو على كرسي جيشه ، وتروح المفاتيح لحسن ) ، فوصف اغتيال السادات على كرسي بين جيشه خلال الاستعراض العسكري الذي قتله فيه ( الاسلامبولي ) وذهبت المفاتيح إلى حسن " : حسني مبارك " .
ثم تكلم عما يجري في غزة وبعض المناطق الأخرى من حفر الأنفاق ، ثم تدمير الجدار العازل الذي بنته إسرائيل في الأراضي المحتلة .
ولعل من المهم أن نلفت الانتباه بشكل خاص إلى أكذوبة التلموديين بالوعد الإلهي لهم بقيام دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ـ حسب أكاذيبهم ـ فانه عليه السلام فنّد هذه الأكذوبة الموضوعة و أنها ليست من الوعد الإلهي لهم ، وان ذلك لن يكون ، حيث قال عليه السلام (ويقص أهل الكتاب انه يملك من البحر إلى البحر، ومن آخر الأرض إلى أقاصي الأرض، ولكن علمنا من الكتاب الحق ، انه لا يظهر حتى يخلع المهدي من الأرض ثوب الباطل، ويرفع سيف الحق ، ولولا وعد الله لقتله الغم بخروج مهدي آل بيتنا ) فهو تكذيب لكل ادعاءاتهم الباطلة وأمانيهم الزائفة .
وأما أمريكا فسماها بالاسم ، ووضح ما بدأنا به بحثنا ، فلا العولمة جديدة ، ولا أمريكا ارض جديدة ، فهي مسلوبة من " الحمر " و الرجل منهم يقال له " احمر" ، أي الهنود الحمر ، وقال إن لهم بعوث : أي إن الله بعث لهم أنبياء وهم أهل ديانة سماوية ، و أما بوش الكذاب الدجال فتوعده بـ (الكويكب ) ثم الزلازل ، و الخسف كمثل قارون ، ولن تنفعه القنينة العجيبة التي يخزن بها الموت( القنبلة النووية ) و يهدد بها الإمام المهدي (ع) ، إذ سيقابله بسلاح الصارخ الذي يجعل عاليها سافلها ، فيخلد بوش إلى الأرض ، أي يركع و يطيع ، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث . وهذه الأمور كلها بينها عليه السلام بما لا يحتاج إلى توضيح ، ثم قوله (ع) يبقى جديد وجديد و جدد ، هي الولايات و المدن التي تبدأ بكلمة ( نيو ) مثل نيويورك و نيوجرسي و نيو اورليانز... الخ
ولكن ... و آه من لكن ... لقد آمن علماؤنا قديما بما يقول الإمام على عليه السلام وصدّقوا به و تصرّفوا على ضوء ذلك وعلى ضوء ما نطق به القرآن الكريم ، فقد ذهب جمع من علماء الحلة بقيادة السيد ابن طاووس و العلامة الحلي إلى هولاكو و اخبروه بكل ما سيقع ، وعندما وقع الأمر كما اخبروه سألهم عن مصدر معلوماتهم ، فكلّموه كثيرا عن دين الله وعن رسول الله و أمير المؤمنين و خطبه وعلمه وعن أهل البيت (ع) ، ثم دعوه إلى الإسلام ، كما أمر القرآن و خير بين القتال أو الإسلام ، إذ قال تعالى( ستدعون إلى قوم أولي باس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) فاسلم هولاكو ومن معه وكانت إحدى الحسنيين .
فيا أيها السادة أهل الملك ، " يا أتباع أهل البيت" !!!، في كل اجتماعاتكم السرية و العلنية في ( العرش الأبيض ) كما سماه أمير المؤمنين (ع) مع الكذاب بوش ، هل خطر في بالكم أن تعرضوا عليه ما يقوله أمير المؤمنين من باب إلقاء الحجّة على الأقل ؟ هل خطر في بالكم إن تدعوه إلى الإسلام مثل نظراؤكم ممن سبق ؟ هل حاولتم إفهامه من هو الإنسان ومن هو ابن الإنسان الذي يتكلم عنه الإنجيل ؟ هل حاولتم تحذيره مما سيحل به و بكم ؟
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ٌ } (85) .

الخطوط الدفاعية :

في رواية عن الإمام الصادق (ع) قال :( جعل الله الزيدية ردءا للشيعة ) ، وفي غيبة النعماني ، عنه (ع) قال : ( كفوا ألسنتكم و ألزموا بيوتكم ، فانه لا يصيبكم أمر تخصون به أبدا و يصيب العامة ، ولا تزال الزيدية وقاءً لكم أبدا . ) (86) .
وقد مرّت علينا بعض الروايات عن الزيدية في الجزء الرابع و موقفهم من الإمام المهدي (ع) و موقفه منهم و مصيرهم السيئ بسبب تكذيبهم بإمامة الأئمة المعصومين (ع) من بعد الإمام الباقر (ع) و حرفها عن أصل شجرتها الباسقة ، ورغم قولهم بإمامة أمير المؤمنين والحسن و الحسين و السجاد و الباقر صلوات الله عليهم ، إلا أن ذلك لا ينفعهم لقوله تعالى (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا) (87) ، فهي نازلة في الأنبياء و جارية في رسول الله و أوصياءه من بعده عليهم السلام ، فلا ينفع الإيمان ببعض و الكفر ببعض ، ولو آمنت بهم جميعا و كذبت بآخرهم الإمام المهدي (ع) فالآية منطبقة وجارية على من يفعل ذلك .
على أيّة حال ، فان قول الإمام الصادق (ع) إن الله تعالى جعلهم ردءا للشيعة و وقاء لهم ، أي أنهم يقاتلون عن الشيعة و ينصرونهم وكأن الله سبحانه جعلهم خطا دفاعيا عن الشيعة ، وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال انه رأى اسمه مكتوبا على العرش ومكتوب ( أيدته بعلي و نصرته بعلي ) (88) ، نفهم من ذلك أن الله سبحانه و تعالى جعل خطوطا دفاعية عن رسله و أوليائه ، فجعل الإمام علي (ع) هو الخط الدفاعي الأول عن رسول الله (ص) ، ثم تتوالى الخطوط عن الأمثل و الأقرب بمن هو دونه حتى يصل الأمر إلى أن يدفع الله و ينصر بمن لا خلاق لهم ، أي يقاتلون و ينصر الله بهم دينه دون أن يكون لهم نصيب من الجنة ، لأنهم لا يقاتلون دفاعا عن الدين بل هو صراع على الملك وعلى الدنيا ، من هنا نفهم دور الأمم و اختلاف درجات تأثيرهم في الملحمة ، حتى يكون الأشد باسا و الأكثر عددا و عدة هم الذين لا خلاق لهم ، و حسب الدرجات ، فافهم ذلك ، فانه رحمة من الله تعالى بالمؤمنين ، فان الله تبارك و تعالى يقول ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ) (89) و يقول تعالى ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) (90) وهي أساليب متعددة من الدفاع و الخطوط الدفاعية ، يكون أحيانا لها معنى آخر كما في الآية الثانية حيث يكون أحيانا بمعنى الدافع أو الحاض على العمل الصالح أو مانع من العمل السيئ ، كالآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر

استكشاف ملامح الملحمة :

لغرض أن نستكشف ملامح الملحمة لابد من معرفة أهم الأحداث الواضحة التي لا يشكل أمرها علينا و التي تقع في السنة التي تسبق الظهور ، حيث يكون الظهور المبارك في العشر الأول من السنة التالية ـ حسب التاريخ المعمول به عندنا حاليا ، حيث تبدأ السنة بالاول من محرم الحرام ـ .
وعليه سنحاول إجمال النقاط المهمة في الموضوع ليتبين الناس أمرها .
عبد الله و دوره في الفتنة
خراب المدن و البلدان
السنة الغيداقة
الآيات


عبد الله :
بعد الروايات التي قدمناها عن عبد الله و بعد أن أصبح أمره ظاهرا كما اخبر عنه الإمام علي (ع) في خطبة البيان ، نعود إلى جملة من الروايات التي منها تتبين تأويل ما اخبروا به عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وبالطبع فان القضية كلها منشأها فتنة فلسطين :
1 ـ عن كعب قال : ( إذا ثارت فتنة فلسطين ترددت في الشام تردد الماء في القربة ، ثم تنجلي حين تنجلي و انتم قليل نادمون . ) (91) .
أما الروايات في عبد الله فكثيرة جدا نأخذ منها ما قل و دل مما ننتفع به في معرفة الآتي من الحوادث.
2 ـ عن عمار بن ياسر (رض) قال : ( إن لأهل بيت نبيكم إمارات ، فالزموا الأرض حتى ينساب الترك في حلاف مع رجل ضعيف يخلع بعد سنتين من بيعته ، و يخالف الترك على الروم ، و يخسف بغربي مسجد دمشق ، و يخرج ثلاثة نفر بالشام ، ويأتي هلاك ملكهم من حيث بدأ ،ويكون بدو الترك بالجزيرة و الروم بفلسطين ، و يتبع عبد الله عبد الله حتى تلتقي جنودهما بقرقيسيا . ) (92) .
و المقصود بهلاك ملكهم من حيث بدأ ، فكما قدمنا سابقا ، يقصد به انه بدء من خراسان و ينتهي على يدهم بعد تحرشات و مؤامرات ملوك الخليج و الأردن و مصر و سواهم على إيران و مساندة أمريكا في عدوانها ، حيث أن الخراسانيين هم الذين نصروا بني العباس على الأمويين في المسودة الأولى ، و المسودة الثانية ، هي التي فيها نصر الإمام المهدي (ع).
أما الرجل الضعيف الذي يدخل في حلاف مع الترك ، فبالرغم من تحالف ( بشار الأسد) مع روسيا بتحالف إستراتيجي بعد أزمة القوقاز بين روسيا ، وجورجيا المتحالفة مع إسرائيل وأمريكا ، وتدمير روسيا للقواعد العسكرية الإسرائيلية في جورجيا ثم عزل اوسيتيا وابخازيا عن جورجيا والاعتراف الروسي باستقلالهما ـ وكان هذا هو ما تحدثنا عنه قبل سنوات في الجزء الرابع عن علاقة الخديعة والانتفاضة بين بني إسرائيل وبني قنطورا ، وكانت هذه انتفاضة وردة فعل عنيفة ستتبعها ردات فعل اعنف بكثير ـ إلا انه لا يبدو انه هو المقصود ، ولم يتبين بعد من هو المقصود حيث ان المتحالفين مع الترك قد انقرضوا والتحالفات اليوم في غالبيتها الساحقة هي مع الروم .
3 ـ عن حذيفة بن اليمان قال لقوم من أهل مصر : ( إذا أتاكم كتاب من قبل المشرق يقرأ عليكم من عبد الله أمير المؤمنين ، فانتظروا كتاب آخر يأتيكم من المغرب يقرأ عليكم من عبد الله عبد الرحمن أمير المؤمنين ، و الذي نفس حذيفة بيده لتقتتلن انتم وهم عند القنطرة و ليخرجنّكم من ارض مصر و ارض الشام كفرا كفرا ، و لتباعن المرأة العربية على درج دمشق بخمسة و عشرين درهما . ) (93) .
4 ـ عن أبي قبيل قال : ( إذا قريء على منبر مصر من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين ، لم يلبث إلاّ يسيرا حتى يقرأ من عبد الله عبد الرحمن أمير المؤمنين ، وهو صاحب المغرب وهو شر من ملك . ) (94) .
فإما عبد الله عبد الرحمن فهو " المرواني " حيث قامت الدولة الأموية في الأندلس و المغرب ، على يد ذرية مروان بن الحكم ، وكانوا قد نزعوا الملك من آل أبي سفيان ، وفي ردّ الكرّة " ثم رددنا لكم الكرّة عليهم " فان السفياني ينتقم من المرواني ، و ينتزع منه الملك ولو لمدة قصيرة .
قال أبو جعفر عليه السلام : ( ينازع السفياني بدمشق أحد بني مروان فيظهر على المرواني فيقتله ثم يقتل بني مروان ثلاثة أشهر ثم يقبل على أهل المشرق حتى يدخل الكوفة ) (95)
5 ـ عن كعب قال : ( إذا ملك رجل من بني العباس يقال له عبد الله وهو ذو العين الآخرة بها يفتحون و بها يختمون فهو مفتاح سيف الفناء فإذا قريء له كتاب ........ فإذا كان ذلك ابتدر أهل المشرق و أهل المغرب الشام كفرسي رهان ، يرون أن الملك لا يتم إلا لمن ضبط الشام , كل يقول من غلب عليها فقد حوى على الملك . ) (96) .
بعد تقديم هذه العينة من الروايات التي مرّ علينا بعضها يبرز سؤالان يطرحان نفسيهما :
الأول : من أين نتأكد أن المقصود بعبد الله هو الملك السعودي ؟
الثاني : ما هو الكتاب الذي يقرا على الشام ؟
وللإجابة عن السؤال الأول نقول : لقد ذكر صاحب كتاب ( عنقاء المغرب ) (97) الشيخ محيي الدين العربي في أشعار يذكر فيها علامات الظهور منها :
فعند فناء خاء الزمـان و دالـها على فاء مدلـول الكرور يقــوم
ومن قال إن الأربعين نهـايــة لهم فهو قول يرتضيـه كلـــيم
وهي من القصائد التي تتكلم بأسرار علوم الحروف التي أخذوها من " الجفر" وهي طويلة ، يذكر حروف أسماء الملوك الذين يلي بعضهم البعض الآخر من بني العباس ، فيفنى من اسمه يبدأ بالخاء المنقوطة و نهايته الدال ، ثم الفاء و نهايته مكرور الحرف السابق ، أي الدال . وهذا ما كان ، فقد فني من كان بالخاء و الدال وهو ( خالد بن عبد العزيز) ثم من كان بالفاء و الدال ، وهو ( فهد بن عبد العزيز ) ثم يأتي الأربعين نهاية لهم ، كما في القصيدة ، صاحب العين الآخرة ( عبد الله).
أما عن السؤال الثاني عن الكتاب ، فان كتب عبد الله بدأت تقرا في الشام و تجد لها أصداء واسعة ربما منذ المبادرة العربية للسلام التي قدمها الملك عبد الله في مؤتمر القمّة العربية في بيروت لقطع الطريق على أي حديث عن المقاومة و التصدّي للعدوان الإسرائيلي ، ولكن هذا الصدى مات في وقته بعد رفض و احتقار إسرائيل للمبادرة و صاحبها ، ولكن كتب عبد الله نجحت في إيجاد تأثير بالغ في الشام مع وقوع معركة الوعد الصادق بين " حزب الله " و إسرائيل ، لأنها أخذت بعدا طائفيا أثلج صدور الحاقدين على المقاومة وعلى حزب الله ، وهم كما قدمنا عن الإمام الباقر (ع) هم " العاملة الناصبة ،تصلى نارا حامية " ومنذ ذلك والى وقوع الموعود ستبقى كتب عبد الله هي الداعم و المحرض للعاملة الناصبة و أحقادها الطائفية البغيضة ، و رغم إن بلاطات الملوك و سلالاتهم في جميع الأمم وعبر كل التواريخ لم تنجب رجلا أكثر بلادة و بلاهة من عبد الله المذكور، إلا انه بأمواله هو الملك المطاع من قبل كل أكلة السحت من المنافقين أمثال (قوى الرابع عشر من شباط ) في لبنان وعلى رأسهم رئيس الوزراء ( فؤاد السنيورة ) و الصبي المغرور سعد الحريري ، مثّلت هذه القوى سنن السابقين و أمثالهم في الصدر الأول من العصر الإسلامي ، حيث مثل مقتل (رفيق الحريري ) مقتل عثمان بن عفان ، ومثّلت (نائلة معوض ) دور عائشة ـ والأحرى أن تسمى( نائشة )، و بقية أصحاب الجمل و صفّين ، وليد جنبلاط و سمير جعجع .. عمر بن العاص و مروان بن الحكم حيث أن مروان بن الحكم كان من الطلقاء ( أسير حرب اُطلق سراحه ) وكذلك سمير جعجع من الطلقاء (سجين ، لقتله عمر كرامي ، ثم أطلق من السجن ) ، بينما مثل السنيورة .. دور عثمان الذي يرفض نزع القميص الذي البسه الله إياه ـ كما يزعم عثمان ـ و دور معاوية الذي يرفع قميص عثمان ليحتفظ بالملك رغم انف المسلمين , بينما حاولت هذه القوى و من وراءها أمريكا بكل الطرق الملتوية تحميل السيد حسن نصر الله عواقب الأمر، كما حاول أصحاب الجمل و صفّين تحميل الإمام علي (ع) عواقب أمر مقتل عثمان ، و لعبت قيادات دينية سنية وعلى راسهم " قباني ، مفتي لبنان " دور طلحة و الزبير، وإنها السنن و الأمثال جارية إلى نهايتها ،
ولكن الرصيد الهزيل لكل هذه القوى لا يعطيها القوة الكافية لتمثيل دور نظرائهم السابقين ، فلعبت كتب عبد الله دور القوة الساندة و الداعمة دوليا و محلّيا لدفع الفتنة الواقعة في لبنان ، إلى مناظرة فتنة مقتل عثمان من حيث القوة و التأثير، و ربما النتائج .
ومع كتاب عبد الله " خاتم الأربعين " من آل سعود ، فان الكتب التي تقرا في الشام (من عبد الله أمير المؤمنين ) فهي كتب عبد الله بن الحسين ملك الأردن ، وكذلك يوجد (عبد الله عبد الله ) النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني ، وهي من مصاديق ما جاءت به الروايات ، ولكن كما يبدو لنا أن المشار إليه ، و الذي له الدور الفاعل هو ملك الحجاز من آل سعود وهو خاتم الأربعين ، وقد تكون الأسماء الأخرى للتضليل و المكر ، و الله شديد المحال .
وأخيرا ، في غيبة الطوسي ، بسنده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : من يضمن لي موت عبد الله أضمن له القائم .
ثم قال : إذا مات عبد الله لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله ، ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والأيام . فقلت : يطول ذلك ؟ قال : كلا . ) (98) .


عجائب أخرى من المقادير الإلهية :
بعد أن مرّ علينا من عجائب المقادير التي وردت في الجفر الأعظم ، ودوران الزمان على حروف بـ ( بسم الله ) كما كشفت عنه القصيدة الميمية للشيخ البسطامي ( إذا درا الزمان على حروف ببسم الله ) ، تكشف لنا قصيدة الشيخ محيي الدين المغربي عن سر آخر أكثر عجبا وغرابة ، قال :
فعند فناء خاء الزمـان و دالـها على فاء مدلـول الكرور يقــوم
والتفكر والتأمل في هذه القصيدة ، ومن بعدها في هذا الجفر وعلومه العجيبة ، يجعلنا نقف بذهول أمام ما قدره الله من المقادير وما أخرجه إلينا أئمة أهل البيت عليهم السلام منها وهو بأيدينا نقرأُهُ ولا نلتفت إلى بواطنه ، ومن ذلك ما وضعوه في جُمَلٍ تكشف بعض أسرار المقادير ، ومنها ( ابغِ حجك وخف عقيمه ) ، فبعد تأمّل وتفكّر في القصيدة ، وجدنا ان فناء ( الخاء) ، ثم ( الفاء) ، ثم يأتي بعد ذلك عبد الله وهو ( العين) الآخرة ، وجدنا أن ذلك تسلسل حروف ( ابغ حجك وخف عقيمه ) ، ووجدنا أن الخاء ، هي خاء الزمان لأهل الملك الذين لهم شأن في المقادير الإلهية المرتبطة بالظهور المبارك ، وتشمل جمع كبير من أهل الملك للفترة الزمنية المخصوصة ، ومنهم عدا خالد بن عبد العزيز ، و خميني وخاتمي في إيران ، وخليفة بن حمد ، و خافير بيريز دي كويلار ، وخوان كارلوس ، وخوسيه ماريا ازنار في اسبانيا ، وخالدة ضياء في بنغلادش ، وما يقابلهم من أهل حرف الكاف باللاتينية التي لا تلفظ حرف الخاء ، وتلفظ الخاء كافاً ، مثل ، كارتر الرئيس الأمريكي ، و كورت فالد هايم ، وغيرهم .
ثم يأتي بعدهم أهل حرف (الفاء) ، والأمر لا يقتصر على (فهد بن عبد العزيز) ، بل معه كثير من أهل الملك ممن تبدأ أسماؤهم بحرف الفاء ، مثل فرانسوا ميتيران ، وفرناندو، وفلاديمير ، وفيدل ، وغيرهم .
ثم يأتي أهل حرف العين ، وهم كثير جدا مثل (عبد الله عبد الله ، وعبد الله عبد الرحمن ، وعلي عبد الله صالح ، وعبد العزيز بوتفليقة ، وعبد الله غول ، وقيادات محلية عراقية تسيطر على مقاليد الأمور السياسية في البلاد تبدأ أسماؤهم بحرف (العين) ، مثل عدنان وعبد القادر وعلي وعباس ، وعادل ، عيون أخرى اخطر وأضل ، واللبيب يفهم .
فعن البرسي : أن الإمام علي عليه السلام كان يقول لابن عباس : كيف أنت يا بن عمي إذا ضلت العيون ؟ فقال له: يا مولاي كلمتني بهذا مرارا ولا أعلم معناه فقال :
عين : عتيق وعمر و عبد الرحمان بن عوف وعين عثمان وستضم إليها عين عائشة وعين معاوية وعين عمرو بن العاص وعين عبد الرحمان بن ملجم وعين عمربن سعد (قاتل الحسين - عليه السلام - لعنهم الله ) (99).
ونقلا عن معاني الأخبار للصدوق : عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا ظلمت العيون العين كان قتل العين على يد الرابع من العيون ، فإذا كان ذلك استحق الخاذل له لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . فقيل له : يارسول الله ما العين والعيون ؟ فقال : أما العين ، فأخي علي بن أبي طالب ، وأما العيون فأعداؤه ، رابعهم قاتله ظلما وعدوانا ).
وهو [ عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله ] .
وعن العلوي (ع) لحذيفة بن اليمان : " كيف أنت إذا ظلمت العيون العين " ؟
وكان ذلك في زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولم يعرف تأويله . فبعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فهمه حيث تقدم عليه عتيق وعمر .
فقال ذلك لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال عليه السلام : نسيت عبد الرحمن حيث مال بها إلى عثمان ، وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية ، فهؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي ) (100) .
وتقابل هذه العيون الضالة ، دائما ( العين البصيرة ) وهي عين الإمام علي "ع" .
وكذلك كان الأمر مع الإمام الحسين (ع) ، فالعين الضالة ( عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد ، وغيرهم ممن لعنهم الله ) والعين البصيرة ( عباس ، أبو الفضل عليه السلام بن أمير المؤمنين ) .
ويبدو واضحا أن هؤلاء هم أيضا العين الضالة ، تقابلها العين البصيرة عين السيد المسيح ( عيسى "ع" ) حيث يكون مع الإمام المهدي (ع) .
وكما قال في القصيدة :
فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها * وثامنهم عند النجوم لزيم
فالمقصود بالسبعة الأعلام ، هم أهم القيادات المذخورة للامام عليه السلام ، وثامنهم عند النجوم لزيم ، هو( عين ) السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام .
ثم يختم بميم المجد ، ومنه إلى هاء الذي يرجع إليه الأمر كله تقدست أسماؤه وعزّ سلطانه وجرى كل شيء بقدره ، هاء الذي لا اله إلا هو .
والأمر بحاجة إلى دراسة أعمق والى أرشيف معلومات. وعموما يبدو لنا أن هناك محوران :
محور ( ابغ حجك و خف عقيمه) ، و محور أهم : هو محور ( بسم ) الله ، فإذا بلغت مقاليد الأمور إلى أهل حرف (ميم ) اقترب الوعد واشرف يوم الفصل على البزوغ ، فيفصل الله بين ( ميم ) بني أمية وأمثالهم ـ الذين بدءوا بمعاوية وختموا بمروان الحمار ـ و (ميم ) المجد من آل محمد ، حيث يقول الإمام الصادق عليه السلام ( أولنا محمد ، و أوسطنا محمد ـ و آخرنا محمد ). صلى الله على محمد وآل محمد .

خراب المدن و البلدان :
أما لمعرفة أهم أحداث سنة الظهور لكي يترقبها المترقب فهي خراب المدن و البلدان ، فمنها ما يخرب بالحروب و الفتن ، ومنها ما يخرب بالغرق ، ومنها ما يخرب بالأمر الإلهي كالخسف و الزلزلة و الحاصب و الريح الصرصر العاتية و الصيحة و غيرها .
ولكي لا نطيل على القارئ و نربكه بكثرة المعلومات ، نذكر خراب المدن القريبة منا و التي يهمنا أمرها و يتعلق مصيرنا بها لكي نكون على حذر .
خراب الزوراء و المزورة : ورد في احد الروايات عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سؤل عن خراب الزوراء وهل المقصود بها " بغداد " انه قال : لا إنما هي الري ، وأما بغداد فهي المزورة ، ولكن المتواتر عن أئمة أهل البيت ابتداء من الإمام علي (ع) أنهم يشيرون بذلك إلى بغداد ، و سمّوها في بعض الروايات باسمها الصريح و قالوا " بغداد " ، ولكن لكي لا نهمل الرواية الأولى وما وراءها فانه بالنتيجة فان الخراب يشمل كل من الزوراء و المزورة ، أي بغداد و الري على حدّ سواء ، والري قيل هي طهران الحالية.
ففي حديث الإمام الصادق (ع) مع المفضل بن عمر ، قال المفضل : يا سيدي كيف تكون دار الفاسقين في ذلك الوقت ؟ قال الإمام الصادق (ع) : (في لعنة الله و سخطه ، تخربها الفتن و تتركها جماء ، فالويل لها و لمن بها كل الويل من الرايات الصفر و رايات المغرب و من يجلب من الجزيرة ، ومن الرايات التي تسير إليها من كل بعيد و قريب ، و لينزلن بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم من أول الدهر إلى آخره , و لينزلنّ بها من العذاب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت بمثله ، ولا يكون طوفان أهلها إلا بالسيف ، فالويل لمن اتخذ بها سكنا ، فان المقيم بها يبقى بشقائه ، و الخارج منها برحمة الله .... ثم ليخربها الله بتلك الفتن ، حتى يمر عليها المار فيقول " هاهنا كانت الزوراء " . ) (101).
و أحوال بغداد و أهل بغداد الظالم أهلها ، هي اليوم أهول و افزع من أن يتحدث بها متحدث ، ومع ذلك فهم لا يتناهون عن الظلم و البغي و سفك الدماء ، رغم كل الخداع و المكر الإعلامي الذي يمارسونه من اجل إظهار أنفسهم بأنهم ضحية ، وهم لا يعلمون أنهم إنما يخدعون أنفسهم وما يشعرون ، حتى يأتي أمر الله ( ألا لعنة الله على الظالمين ) . ويروي المسعودي أن بغداد أول ما بنيت ، كان من أنقاض مدينة بابل التي قلب الله بها أهلها . ويقول ايضا ان ( الزوراء ) هي غرب بغداد لان الناس تزورّ في الصلاة فيها (وفقا لاتجاهات خطوط الطول والعرض والاتجاه نحو الكعبة الشريفة ) واما شرق بغداد فتسمى (الروحاء) ، ومعلوم من يسكن شرق بغداد ! ومن يسكن غربها !
وفي غيبة النعماني ، عن الحصين بن عبد الرحمن ، عن أبيه عن جده عمرو بن سعد قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " لا تقوم القيامة حتى تفقأ عين الدنيا ، وتظهر الحمرة في السماء ، وتلك دموع حملة العرش على أهل الأرض حتى يظهر فيهم عصابة لا خلاق لهم يدعون لولدي وهم برآء من ولدي ، تلك عصابة رديئة لا خلاق لهم ، على الأشرار مسلطة ، وللجبابرة مفتنة ، وللملوك مبيرة ، تظهر في سواد الكوفة ، يقدمهم رجل أسود اللون والقلب ، رث الدين ، لا خلاق له ، مهجن زنيم عتل ، تداولته أيدي العواهر من الأمهات " من شر نسل " لا سقاها الله المطر " ، في سنة إظهار غيبة المتغيب من ولدي صاحب الراية الحمراء ، والعلم الأخضر ، أي يوم للمخيبين بين الأنبار وهيت ، ذلك يوم فيه صيلم الأكراد والشراة ، وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة ، ومأوى الولاة الظلمة ، وأم البلاد وأخت العاد ، تلك ورب علي يا عمرو بن سعد بغداد ، ألا لعنة الله على العصاة من بني أمية وبني العباس الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي ولا يراقبون فيهم ذمتي ، ولا يخافون الله فيما يفعلونه بحرمتي ) (102)
ويظهر من هذه الرواية ان سنة الظهور ستشهد ظهور المزيد من الحركات الضالة التي تدعي مناصرة القضية المهدوية وتتبناها ، وترفع شعارات ظاهرها براق خادع وجوهرها الدجل والنفاق والكذب ، وغرضها الباس الامر على الناس وتنفيرهم من قضية الامام المهدي عليه السلام ، ومنهم هذا الاسود اللون والقلب ، فاحذروا امره .
ويظن بعض الذين لا يعلمون ان الامام المهدي عليه السلام هو ملك المستقبل الذي يجب عليهم السعي لكي يكونوا هم حاشيته ، على طريقة الحرس الرئاسي والامن الخاص وفدائيي صدام وحواشي الملوك المفسدين ، وتحدثهم انفسم الامارة بالسوء ، ويمنيهم الشيطان بالاماني الزائفة ، بان النفاق والانتهازية يمكن ان تكون سبيلهم لتحيق امانيهم البائسة تلك ، فعدا ان اصحاب الامام المهدي عليه السلام ليس هو الذي يختارهم ، بل الله هو الذي اختارهم له ، واختارهم الله على علم ، فعدا ذلك نبين لهؤلاء ما يقوله ائمة اهل البيت عليهم السلام في هذه الروايات التي تبين شدة وصعوبة امر الامام المهدي والطريق الشاقة جدا لاقامة دولته المباركة :
بسنده عن بشير النبال : (لما قدمت المدينة قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إنهم يقولون إن المهدي لو قام لاستقامت له الأمور عفوا ، ولا يهريق محجمة دم ، فقال : كلا والذي نفسي بيده لو استقامت لأحد عفوا لاستقامت لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حين أدميت رباعيته ، وشج في وجهه ، كلا والذي نفسي بيده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق ، ثم مسح جبهته " ) (103).
وبسنده عن معمر بن خلاد قال : " ذكر القائم عند أبى الحسن الرضا ( عليه السلام ) فقال : ( أنتم اليوم أرخى بالا منكم يومئذ ، قالوا : وكيف ؟ قال : لو قد خرج قائمنا عليه السلام لم يكن إلا العلق والعرق ; والنوم على السروج ، وما لباس القائم ( عليه السلام ) إلا الغليظ ، وما طعامه إلا الجشب " ) (104).

خراب البصرة :
وأما خراب البصرة فبعدة أمور منها الخسف بجامعها الكبير ، و يقتل فيه سبعين ألفا ، ثم خسفين آخرين ، ثم الغرق ، حتى لا يبقى إلا مسجدها كجؤجؤ طير في لجة بحر ـ كما جاء في خطبة الإمام علي (ع) في أهل البصرة ـ و حذّر الإمام علي عليه السلام أهلها مثل ما حذّر الإمام الصادق (ع) أهل بغداد ، فقال الإمام علي (ع) في البصرة " المقيم فيها مرتهن بذنبه و الشاخص عنها متدارك برحمة من الله ، و الخطبة كاملة في نهج البلاغة فراجعها .
وأما أهم المدن التي تخرب بالواقعة فهي بابل الأثرية التي أعاد صدام حسين بنائها فكانت وبالا عليه وعلى قومه و زوال ملكهم ، وأما الواقعة المرتقبة ، فهي مقابل القنصلية الأمريكية في الحلّة ، مجاور الجسر الشهير المسمى باسم الواقعة وهو ( جسر بتّة ) حيث تكون الواقعة على الجسر و حوله و القرى المحيطة به فلولا كان أهلها يعقلون !!!
وأما خراب مصر و خراب الشام فقد قدّمنا بعض الكلام الموجز فيه ، ونضيف الى ذلك ما جاء في علامات الظهور :
( ....وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد ، و خروجها عن سلطان العجم ، وقتل أهل مصر أميرهم وخراب الشام ، ودخول رايات قيس إلى مصر ) (105) .
(حدثنا عبد الله بن مروان عن عون الميثمي عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما تحت أديم السماء خلق أشر من بربر ولأن أتصدق بعلاقة سوط في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق مائة رقبة من بربر ) (106) .
(حدثنا ضمرة عن أبي حسان بن توبة قال لا بد من أن يملك من بني العباس ثلاثة أول أساميهم عين ) (107) .
وبشكل مختصر فان خراب مصر يكون على يد المروانيين الذين ياتون من المغرب يفعلون بمصر ما فعلوه بالعراق من تدمير وخراب وقتل وتفجيرات ، وكل ذلك يتم تحت راية تنظيم ( القاعدة ) وسكوت النظام الحاكم عنهم لاعتقادة بانه يستعين بهم على الشعب المصري الثائر ضد النظام ، ومن التجربة الجارية في العراق يبين بان الغرب عموما وامريكا خصوصا واسرائيل بالاخص هي التي تدعم هذه الحركات التخريبية ، وستمر مصر والشام بما مر ويمر به العراق سواء بسواء .
لقد قامت القوات الامريكية والمخابرات الامريكية بتجنيد عشرات الآلاف من العملاء من مختلف الجنسيات العربية الذين عقدت معهم صفقات اثناء وجودهم في معسكرات الاعتقال العراقية بعد القاء القوات العراقية القبض على الكثير منهم وتسليمهم الى القوات الامريكية في معسكر بوكا في البصرة وفي غيره من معسكرات الاعتقال ، الا انهم سرعان ما يتم اطلاق سراحهم او تهريبهم من قبل القوات الامريكية واستخدامهم لتنفيذ مشاريعها ، ولكن كما مر علينا في الروايات ، فان المشروع الامريكي الذي يقوده رجال بني اسرائيل ، ينتهون من العراق ويتوجهون نحو الشام ومصر ، حيث الرواية تقول ( كل من غلب على الشام حوى على الملك ) ، وكما مر في كلام امير المؤمنين (ع) في الجفر بان اسرائيل تسمي مصر ( عدوهم الذي في الجنوب ) ، وكما هي سياسة النظام الحاكم في مصر على يد ( المتبرك ) ـ كما سماه امير المؤمنين عليه السلام مشيرا الى حسني مبارك ـ وفتح السياحة المصرية للمخابرات الاسرائيلية تحت دعوى السواح والارباح والموارد الاقتصادية وغير ذلك ، ووجود الكثير من الاعراب وراكبي الجمال والحمير حول المرافق السياحية في القاهرة ، فسيرى اهل مصر من هؤلاء الذين لا يعرفون اصولهم ولا انتماءاتهم ولا غاياتهم ، سيرون منهم ايام حمراء بلون الدم وايام سوداء بلون الليل المظلم ، فيها سبعة ايام عنيفة ولا يكون هلاك هؤلاء الا على يد السفياني الذي يظهر من الشام ، كما ورد في كتاب نعيم للفتن أن احد أسباب خراب مصر هو النيل أما يجف أو يفيض ، وورد عن ابن عمر إصرار على أن خراب مصر من جفاف النيل ، وما ورد في خطبة أمير المؤمنين (ع) بشان صاحب مصر : ( فيوافي نيلها وقد قل نَيلها ) .
ويكون اشد القتال والاشتباكات عند الجسور التي يسميها المصريون اليوم ( الكباري ) ، وفي الروايات ( القنطرة ) : ( حدثنا عبد الله بن مروان عن سعيد بن يزيد عن الزهري قال إذا دخلت الرايات الصفر مصر فاجتمعوا في القنطرة انتظروا حتى يستجيش أهل المشرق وأهل المغرب ويقتتلون بها سبعا ، يكون بينهم من الدماء مثلما كان في جميع الفتن ثم تكون الدبرة على أهل المشرق حتى ينزلونهم الرملة ) . ومر علينا احاديث اخرى عن القتال عند القنطرة ، ولعلها تشير الى الكباري المؤدية الى ميدان التحرير وسط القاهرة ، وتوجد حوله اهم المرافق الحكومية الحساسة ، والكباري التي في الاسكندرية ، وقد لا يكون المتبرك ( حسني مبارك ) هو الامير المصري الذي يقتل ، بل الذي ياتي بعده ، حيث ان ذلك من احداث سنة الظهور ، والله اعلم .
واما اقباط مصر ، فوردت فيهم الآيات والاحاديث ، عن ابن عمر : ( ثم ترجعون إلى القبط فتقولون لم تعينونا على عدونا فيقولون أنتم فعلتم هذا بنا ذهبتم بقوتنا لم تتركوا لنا سلاحا وإنكم لأحب الناس إلينا قال فيصفحون عنهم ) (108) . وعن الامام الصادق عليه السلام في قوله تعالى في اهل الكتاب :
(وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) (109) ، انها في اقباط مصر واهل النوبة نسوا حظا مما ذكروا به ، و انهم سيذكرون ذلك الحظ وسيخرج منهم عصابة مع القائم المهدي ( عج ) .
وبالقول المختصر فان الروايات تصف المنطقة العربية بطائر الباز ، فالرأس الشام ، ودمشق المنقار ، والعراق ومصر الجناحين ، فيبدأ المنقار بنتف الجناحين ، فاول ما يخرب العراق ، ثم مصر ، والحجاز ذيل الباز ، أي آخر ما يخرب .
وعلى العموم ، قال تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (110) .
وهذا بالطبع بالنسبة للقريب منا ، اما على مستوى العالم فأهم مايخرب ويدمر بالواقعة عند رج الارض ، هي الولايات المتحدة الامريكية ( بلاد الامارك ) حسب قول امير المؤمنين (ع) ، ولا ينجو منها الا الولايات التي يبدأ بكلمة ( نيو ) أي جديد ، واليها الاشارة فيما تشير اليها الآية الكريمة ( ن * وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ) ، مع اسماء لقيادات تبدأ اسماؤهم بحرف النون ، ولا يمكن التوضيح اكثر من ذلك .
فعند ذلك يظهر امير المؤمنين عليه السلام كآية كبرى من آيات الله ، فيظهر وبيده قلم وهو يكتب في صفحة السماء والعالم يسمع صرير القلم وهو يكتب ، فيكتب قوله تعالى :
( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ *) (111)


السنة الغيداقة :
ورد في الرواية عن الإمام الصادق (ع) انه قال : ( قدام القائم سنة غيداقة ، تفسد فيها الثمار ، ويفسد فيها التمر في النخيل فلا تشكّوا ) (112) . و المقصود بالغيداقة ، أي غزيرة المطر و الفيضانات و السيول ، من قوله تعالى ( وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ) (113) ، وورد عن الإمام الباقر (ع) قال : ( إذا ملأ نجفكم السيل و المدر ، و ملكت بغداد التتر ، فتوقعوا ظهور القائم المنتظر ) )(114) .
فأما ملك بغداد من قبل التتر فهو في الملحمة العظمى ، يملكونها مرة أخرى ، ويكون تعاملهم مع ( المجاهدين ) من القتلة الظالمين أتباع الطاغوت التكفيريين و أنصارهم ، بل ومع فساق وفجار الشيعة الذين يتخذون اليهود والنصارى اولياء وحلفاء ، هو المحق و حرق الأحياء و المناطق السكنية بالكامل دون رحمة ولا هوادة ، وما ربك بظلاّم للعبيد .
وعلى العموم قدمنا سابقا إن السنة الموعودة كثيرة الزلازل كما ورد في الروايات ، وربما أدت الزلازل إلى انهيار السدود المقامة على الأنهر ، ومنه ما في الأراضي التركية كسد الأناضول ، وذلك من أسباب غرق البصرة و خروج الماء في سكك الكوفة و حدوث فيضانات تؤدي إلى خراب المزارع و الأشجار ووقوع مجاعة كبيرة بسبب ذلك ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ ) (115).
وأما الأمطار التي تبدأ في العشر الأواخر من جمادي إلى العشر الأولى من رجب ، فليست كلها أمطار طبيعية ، بل هي كما قال تعالى (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) (116) ، فهو " ماء الحياة " ينزل من السماء ، مثل الماء الذي كان يبحث عنه موسى (ع) حيث وضع فيه فتاه ، الحوت الميت ، فعادت اليه الحياة (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ) (117) ، بهذا الماء ينبت الله تعالى لحوم المؤمنين في قبورهم وهم أهل الرجعة ، و بهذا الماء يحيي الله الأرض بعد موتها كما وصفت ذلك الآية : ( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ )(118) فهذه اشراط الساعة ، أي تكون قبل الظهور المبارك ومن علاماته التي نزل بها قرآن ، وهي من الآيات الموعودة .

الآيات :
وأما أهم ما نترقبه بعد ذلك فهو الآيات ، و التي تبدأ في رجب ، و عندها يكون العجب ، فان لم تكن الآيات ، فان كل ما حدث ليس على شيء ، وقد مرّت علينا الآيات بالتفصيل في الجزء الثالث ثم في الرابع ، نلخصها : بان أول الآيات هو طلوع الشمس من مغربها ، ثم خروج دابة الأرض و المسخ و الوسم و بياض الوجوه و اسودادها ، ثم الحشر ورجعة أصحاب القبور من الموتى و الشهداء ، ثم تتوالى الآيات الأخرى وهي الدجال و يأجوج و مأجوج و آيات لا يحصيها ولا يعلم تفصيلها إلا الله ، ومنها خروج كنوز الأرض من ذهب ومعادن ثمينة على سطح الأرض على شكل اسطوانات وعلى شكل مطر جراد من ذهب ، و عجائب و غرائب كانت تجعل رسول الله و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما يكرران ( فيا عجبا كل العجب ما بين جمادي و رجب ) و يومئذ يعزّ المؤمن و يذلّ الكافر وقد افلح المؤمنون ، وأما قضاء الأمر ، ففجر يوم السبت العاشر من محرّم ، بعد ثمانية أشهر من توالي نزول الآيات المتعاقبة ، وبعض الروايات عدت الروم من الآيات ، أي الملحمة العظمى ، وتختم هذه الآيات باربع وعشرين مطرة ، لم يبين من الروايات ما اذا كانت هذه المطرات الاربع والعشرون هي التي تحمل ماء الحياة ! وما اذا كانت لتطهير الارض من النتن والجيف والتلوث الاشعاعي والغبار الذري ! ولكن هذه فرضية نفترضها .
وفي الختام نقول انه مهما تحدّثنا في أمر الله الأعظم هذا ، وهو ظهور دين الله على الدّين كلّه ،على يدي ولي الله الأعظم الإمام القائم المهدي من آل محمد صلوات الله عليهم ، فإننا لا نوفّيه حقّه ، لأنه كلمات الله التي لو كان البحر مدادا لكلماته و من بعده سبعة أبحر و الشجر أقلام ، لما استطعنا أن نوفي هذا الأمر حقّه و الإحاطة به ، ولكننا بنعمة الله نحدّث ، كما أمر تعالى ، عسى أن يقبل تضرعنا إذ جاء بأسه على القوم الظالمين .
ربنا انّك حملت نوحا (ع) و الذين آمنوا معه على ذات ألواح و دسر(119) ، وأسريت بلوط (ع) و الذين آمنوا معه بقطع من الليل لمّا جاء أمرك (120)، و جاوزت ببني إسرائيل البحر لمّا جاء أمرك ، و ضربت لهم في البحر طريقا يبسا (121), وقلت ربي وقولك الحق ووعدك الصدق ( وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) (122) ، وقد آمنا و بما تفضلّت به علينا من الهدى ، فنسألك ربي أن تصلي على محمد وآل محمد و أن تنجنا مع وليك ، ابن بنت نبيك ، المسمى باسم رسولك ، و تحملنا على ما شئت ، و تسري بنا أين شئت ، وتجاوز بنا ما شئت ، وتنجنا كيف شئت ، أنت مولانا فنعم المولى و نعم النصير وحسبنا الله و نعم الوكيل .
و الحمد لله رب العالمين


انتهى الكتاب
و أمر الله لا ينتهي
ختم الجزء الخامس في رمضان سنة 1427 هج




مصادر البحث:

1 ـ القرآن الكريم
2 ـ إنجيل لوقا
كتب تفسير القرآن
3 ـ الميزان في تفسير القرآن ـ محمد حسين طباطبائي
4 ـ الدر المنثور ـ جلال الدين السيوطي
5 ـ البيان في تفسير القرآن ـ أبو القاسم الخوئي
6 ـ تفسير ابن كثير ـ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشى الدمشقي
7 ـ التفسير الصافي ـ الفيض الكاشاني
8 ـ تفسير نور الثقلين ـ الشيخ عبد على بن جمعه العروسى الحويزى
9 ـ تفسير ألقمي ـ علي بن إبراهيم ألقمي
10 ـ تفسير فرات الكوفي ـ فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي
11 ـ تفسير مجمع البيان ـ الشيخ الطبرسي
المصادر التاريخية
12 ـ أخبار الزمان ـ أبى الحسن على عبد الحسين بن على المسعودي
13 ـ الأخبار الطوال للدينوري
14 ـ كتاب سليم ـ سليم بن قيس الهلالي
15 ـ المعجم الأوسط ـ الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني
16 ـ كتاب الأوائل ـ للطبراني ـ الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب .
17 ـ التاريخ الكبير ـ الطبراني ـ الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب .
18 ـ الأخبار الطوال ـ للطبراني ـ الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب. 19 ـ شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد ،طبعة دار الهدى الوطنية-بيروت، وطبعة دمشق
20 ـ البداية والنهاية ـ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشى الدمشقي
21 ـ تاريخ ابن الأثير ـ ابن الأثير
المصادر المختلفة الأخرى :
22 ـ معاني الأخبار ـ للشيخ الصدوق ( أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (
23 ـ إكمال الدين وإتمام النعمة ـ الشيخ الصدوق أبى جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمى
24 ـ عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق
25 ـ علل الشرائع ـ الشيخ الصدوق
26 ـ كتاب التوحيد ـ للشيخ الصدوق
27 ـ الخصال ـ للشيخ الصدوق
28 ـ موسوعة الإمام المهدي (ع) ـ محمد محمد صادق الصدر
29 ـ مختصر بصائر الدرجات ـ حسن بن سليمان الحلي
30 ـ المحتضر ـ حسن بن سليمان الحلي
31 ـ بصائر الدرجات ـ محمد بن الحسن الصفار
32 ـ دلائل الإمامة ـ محمد بن جرير الطبري ( الشيعي )
33 ـ نهج البلاغة - خطب الإمام علي عليه السلام ـ الشريف الرضي ، تحقيق محمد عبدة
34 ـ صدام الهمجيات ـ جلبير الأشقر
35 ـ صدام الحضارات ـ صموئيل هنتغتن
36 ـ كراسة التعبئة وواجبات الأركان الكيمياوية ، رئاسة أركان الجيش العراقي ... ( المنحل )
37 ـ الإرشاد ـ الشيخ المفيد ( محمد بن محمد النعمان )
38 ـ المزار ـ للشيخ المفيد محمد بن محمد النعمان
39 ـ ينابيع المودة في ذوي القربى ـ للشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي
40 ـ الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس ألعاملي
41 ـ وسائل الشيعة (آل البيت ) - الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي
42 ـ كتاب الغيبة ـ محمد بن إبراهيم النعماني
43 ـ الإمامة و التبصرة ـ ابن بابويه ألقمي( والد الشيخ الصدوق )
44 ـ تأويل الآيات ـ السيد شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي النجفي
45 ـ( الغدير ) ـ ألأميني ألنجفي .
46 ـ بحار الأنوار ـ العلامة ألمجلسي
47 ـ إلزام الناصب ـ علي اليازدي
48 ـ مدينة المعاجز ـ السيد هاشم البحراني
49 ـ مناقب آل أبي طالب - مشير الدين أبى عبد الله محمد بن على بن شهر آشوب
50 ـ الكافي ـ أبى جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
51 ـ الاحتجاج ـ أبى جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
52 ـ الملاحم والفتن ـ رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني
53 ـ فرج المهموم ـ رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني
54 ـ الهداية الكبرى ـ الحسين بن حمدان الخصيبي
55 ـ علل الدارقطني ـ أبي الحسن على بن عمر ابن احمد بن مهدي الدارقطني
56 ـ لسان العرب ـ لابن منظور
57 ـ كنز العمال ـ علاء الدين علي المتقى بن حسام الدين الهندي
58 ـ فتح الباري ـ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني
59 ـ إعلام الورى بأعلام الهدى ـ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي
60 ـ حقائق التأويل ـ الشريف الرضي
61 ـ الإسلام والرأسمالية
62 ـ الجفر الأعظم ـ علي عاشور
63 ـ المستجاد من الإرشاد ـ العلامة الحلي ، جمال الدين ابى منصور الحسن بن يوسف بن على المطهر الحلى
64 ـ تذكرة الفقهاء (ط.ق) - العلامة الحلي ، جمال الدين ابى منصور الحسن بن يوسف بن على المطهر الحلى
65 ـ المهذب البارع ـ ابن فهد الحلي
66 ـ الثاقب في المناقب ـ ابن حمزة الطوسي
67 ـ كفاية الأثر ـ أبى القاسم على بن محمد بن على الخزاز القمى الرازي
68 ـ بشارة الإسلام ـ مصطفى آل سيد حيدر الكاظمي
69 ـ عصر الظهور ـ الشيخ علي الكوراني
70 ـ نهج السعادة ـ الشيخ المحمودي
71 ـ الغيبة ـ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
72 ـ مستدرك سفينة البحار ـ الشيخ على النمازي الشاهرودي
73 ـ الدروس ـ الشهيد الأول ( محمد بن مكي العاملي الجزيني )
74 ـ مسالك الافهام ـ الشهيد الثاني (الشيخ زين الدين علي بن أحمد الجبعي العاملي)
75 ـ كفاية الأحكام ـ المحقق السبزواري
76 ـ تقريرات الحدود والتعزيرات - تقرير بحث الگلبايگاني
77 ـ المدرسة القرآنية ـ محمد باقر الصدر
78 ـ المسائل الجارودية ـ الشيخ المفيد ـ محمد بن محمد النعمان
79 ـ الذريعة - آقا بزرگ الطهراني
80 ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير – المناوي
81 ـ مكاتيب الرسول (ص) ـ الشيخ علي الأحمدي الميانجي
82 ـ الاحتجاج ـ أبي منصور احمد بن علي بن أبى طالب الطبرسي
83 ـ موجز تاريخ الزمن ـ ستبفن هوكنغ
84 ـ ترجمة الامام الحسين ـ ابن عساكر




بسم الله الرحمن الرحيم

(( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ *وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * ))
الزخرف  31 , 32


التنويهات:
1 كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 184
2 علل الشرائع للصدوق ج1 ص59 .
3 المائدة 158
4 كتاب الفتن لنعيم ص 130
5 التكوير 4
6 الفتن لنعيم ص 133
7 مدينة المعاجز ص 52
8 ـ كتاب الفتن لنعيم ص 118 ، كنز العمال ج 11 ص 276
نقول : اسماؤهم الكنى و القابهم القرى كما في الرواية يعني هكذا ( ابو مصعب الزرقاوي ، ابو عمر البغدادي ، ابو حمزة المصري ) وهكذا يلقبون ابا فلان ، وقبائلهم القرى : يتلقبون بالقاب المدن والمناطق والقرى ، زرقاوي ، ومغربي ، وبغدادي ، ومصري ... الخ
9 الملاحم لابن طاووس ص 34
10 كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 117
11 كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد ص 118
12 كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد ص 120
13 الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي ج 1 ص 106 :
14 الغيبة ـ محمد بن ابراهيم النعماني ص199 .
15 مكاتيب الرسول ـ الاحمدي الميانجي ج 2 ص 73 .
16 الكافي للكليني ج1 ص381
17 الروم 1 ـ 6
18 الدر المنثور للسيوطي
19 تفسير الميزان ج 16 ص 155
20 تفسير مجمع البيان للطبرسي ج8 ص 43
21 تفسير الصافي ـ الفيض الكاشاني ج 1 ص 28
22 سورة الفتح 28
23 سورة الفتح 27
24 تاريخ اليعقوبي ـ اليعقوبي ج1 ص 143
25 ) - فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي ج 6 ص 361
26 ) - الذريعة - آقا بزرگ الطهراني ج 3 ص 179
27 ) - فالاول هو رسول الله (ص) والاوسط هو محمد بن علي ( الباقر) والآخر هو المهدي عليهم السلام
28 ) - الزام الناصب ج 2 ص 175
29 ) تفسير الصافي ـ الفيض الكاشاني ج 2 ص 318
30كتاب الفتن لنعيم ص 165
31 كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 237
32 كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 240
33 كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 240
34 سورة الحجر 74 ، 75
35 سورة سبا 51
36 الفتح 27
37 الفتح 28
38 الزام الناصب
39 كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي ج 3 ص 264 :
40 الهداية الكبرى ، للحسين بن حمدان الخصيبي ص 113
41 البقرة 251
42 الاخبار الطوال للطبراني ص 63 ـ 64
43 الاخبار الطوال للطبراني ص 64
44 تاريخ ابن الاثير ج3
45 - تاريخ الطبري - الطبري ج 3 ص 249 ـ 250:
46 ـ الملاحم لابن طاووس ص 200
47 الفتن لنعيم بن حماد
48 حلية الاولياء ج 5
49 الفتن لنعيم بن حماد
50 كتاب سليم بن قيس الهلالي ص 283 ـ 286
51 سورة مريم 37 ـ 40
52 سورة الزمر 74
53 المفاجأة لمحمد عيسى بن داود ص 374
54 سورة الرحمن 24 ، 25
55 المرسلات 32 ـ 34
56 مجمع الزوائد - الهيثمى ج 7 ص 132 : ، و المعجم الاوسط للطبراني ج 1 ص 280
57 تفسير القمي - علي بن ابراهيم القمي ج 1 ص 376 :
58 التبيان - الشيخ الطوسي ج 10 ص 230 :
59 تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 10 ص 234 :
60 تفسير الميزان - السيد الطباطبائي ج 20 ص 154 :
61 تفسير القرطبي - القرطبي ج 19 ص 163 :
62 المتدرك ـ الحاكم النيسابوري ج 2 ص 511
63 سورة الصافات 1 ـ 9
64 تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 8 ص 295 :
65 التفسير الصافي - الفيض الكاشاني ج 4 ص 264 ، تفسير نور الثقلين - الشيخ الحويزي ج 4ص 400
66 تفسير الميزان - السيد الطباطبائي ج 17 ص 120 :
67 تفسير الميزان - السيد الطباطبائي ج 15 ص 134 :
68 تفسير مجاهد - مجاهد بن جبر ج 2 ص 539 :
69 جامع البيان - إبن جرير الطبري ج 23 ص 41 :
70 تفسير القرطبي - القرطبي ج 15 ص 61 :
71 البقرة 143
72 العنكبوت 46
73( ) كتاب الفتن ـ نعيم بن حماد المروزي ص 116
74( ) الصافات 165 ، 166
75 سورة الاعلى
76 سورة القصص 78
77 سورة القصص 18
78 سورة الاعراف 176
79 البقرة 152
80 الجفر الأعظم ، علي عاشور 384 ـ 388 ، نقلا عن ( المفاجأة ، لمحمد عيسى بن داود ص 190 ـ 192
81 العنكبوت 40
82 الاعراف 94 ـ 98
83 الجفر الاعظم ص 390 نقلا عن المفاجاة .
84 المفاجاة لمحمد عيسى بن داود ص 413
85 البقرة 152
86 غيبة النعماني ص 197
87 النساء من الآيتين 150 ـ 151
88 كتاب سليم بن قيس الهلالي
89 سورة الحج 38
90 البقرة 251
91 الفتن لنعيم بن حماد ص 139
92 الفتن لنعيم بن حماد ص 129
93 لفتن لنعيم بن حماد ص 153
94 المصدر نفسه
95 كتاب الفتن لنعيم ص 201
96 كتاب الفتن لنعيم بن حماد ص 154
97 ينابيع المودة لذوي القربى ـ للقندوزي ج 3 ص 338 : قال الشيخ محيي الدين العربي في كتابه " عنقاء المغرب " في بيان المهدي الموعود ووزرائه :

فعند فنا خاء الزمان ودالها * على فاء مدلول الكرور يقوم
مع السبعة الأعلام والناس غفل * عليهم بتدبير الأمور حكيم
فأشخاصنا خمس وخمس وخمسة * عليهم ترى أمر الوجود يقيم
ومن قال أن الأربعين نهاية * لهم فهو قول يرتضيه كليم
وإن شئت أخبر عن ثمان ولا تزد * طريقهم فرد إليه قويم
فسبعتهم في الأرض لا يجهلونها * وثامنهم عند النجوم لزيم

98 الغيبة ـ الشيخ الطوسي 447
99 مدينة المعاجز - السيد هاشم البحراني ج 2 ص 48 :
100 مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي ج 7 ص 533 :
101 مختصر بصائر الدرجات ص 189
102 كتاب الغيبة ـ محمد بن ابراهيم النعماني ص 147
103 كتاب الغيبة ـ محمد بن ابراهيم النعماني ص 284
104 كتاب الغيبة ـ محمد بن ابراهيم النعماني ص 287 ، الكافي 1 - 333 - 341 ، وكمال الدين : 370
105 تاج المواليد (المجموعة)- الشيخ الطبرسي ص 71 : ، المستجاد من الارشاد (المجموعة)- العلامة الحلي ص 253 :
106 كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي ص 156 :
107 كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي ص 154 :
108 كتاب الفتن- نعيم بن حماد المروزي ص 409 :
109 المائدة 14
110 هود 117
111 الانبياء 97
112 الارشاد للشيخ المفيد ص 361 ، وغيبة الطوسي ص 272
113 الجن 16
114 مستدرك سفينة البحار ج 7 ص 47 ، وكذلك السراط المستقيم لعلي بن يونس العاملي 2 / 259
115 البقرة 155
116 القمر 11
117 الكهف 63
118 الحج 5 ـ 7
119 ـ من قوله تعالى (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) القمر 13
120 من قوله تعالى (قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ ) هود 81
121 من قوله تعالى (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى) طه 77
122 الانبياء 88


الفهرست

الموضوع
رقم الصفحة
الاهداء
1
مقدمة
3
العولمة عبر التاريخ
5
اصل الفكرة
16
الطرح المعاصر للفكرة
19
لماذا العدول عن الشيوعية الاممية
21
حرب الخليج
25
البلاء الشامل
30
العولمة
33
الحرب ضد الارهاب
34
احداث الحادي عشر من ايلول
39
العقيدة الفرعونية في الحرب الاستباقية
41
مطلع الفتنة
42
خطبة الامام علي (ع) حول حرب عام 1991
42
انقلاب الامة على اعقابها
49
الامام المهدي (ع) قضية وقائد
55
من هو الامام المهدي (ع)
57
دولة السيف
67
الياس من الانقلاب
68
العلم واثره في الحياة
68
دورة العلم ودورة الدولة
72
الوسائل المعادية في ضوء السنن السابقة
74
ديمومة الدولة
86
كلمة في التدبير الالهي
86
التوقيت والوقاتون
96
الجزء الثاني
101
تداعي الامم
102
المحرم وما المحرم
104
حرب الاحتلال في خطب الامام علي (ع)
108
الترك واخوانهم
112
اختلاف الاحزاب
117
الصيحة والحرب النووية
119
بني اسرائيل بين التنزيل والتاويل
130
ما قيل في التقية
138
الولاية والامانة
139
قضية الامام الحسين (ع)
142
شخصيات وعلامات
149
السفياني
149
الدجال
154
استدارة الفلك
161
ارض العجائب والمتناقضات
176
الجزء الثالث
182
الخلافة والاستخلاف
183
السنن الالهية في القرآن الكريم
186
سنّة التشريع
187
سنّة الغلبة القهرية
188
سنّة التيه
190
سنّة العذاب
194
سنّة الآيات
196
قوم نوح
198
قوم صالح
201
قوم لوط
203
قوم شعيب
204
قوم موسى
205
سنّة الاهلاك
212
سنّة الاستخلاف
216
الوعد الالهي
224
الظهور وابعاد علاماته
226
المستخلفون والوعد الالهي
230
في صفات المستخلفين
235
مدلولات البحث
244
الجزء الرابع
249
الكوفة واحداث الظهور
250
التفرق الى فرق
261
الارتداد العقائدي
262
دعاة الحق في الاختلاف
269
رفع العلم
272
السنن والامثال
274
الاراذل
281
المنافقون والقتال
283
الامر الالهي
290
الاسلحة
308
القادة
310
الوقائع
312
الاوقات
313
الاسرار الخفية
318
القرارات
319
قضاء الامر
321
الرجعة
326
في رد المؤمنين الى الحياة
334
خطبة البيان
336
خطبة البيان والحقائق التاريخية
343
الاستنتاج البحثي
349
الاستنتاج السياسي
358
ابن الانسان
360
الفكرة الخاطئة
361
من هو الانسان ، ومن هو ابن الانسان
363
لماذا يسميه الانجيل والقرآن بالانسان
367
قوم المشرق
369
ملحمة الفتح
376
امم الملحمة
380
الانتظار والمنتظرون
393
الجزء الخامس
397
محور الشر

معركة الوعد الصادق

سورة النصر

سورة الروم

روايات العامة

المنافسة بين الروم والفرس

العرب والفرس

الملحمة في سورة مريم

الملحمة في سورة الكهف

الملحمة في سورتي الرحمن والمرسلات
الملحمة في سورة الصافات

الملحمة في الجفر الاعظم

امريكا والامام المهدي (ع) في الجفر

الخطوط الدفاعية

استكشاف ملامح عام الملحمة

عبد الله

خراب المدن

السنة الغيداقة

الآيات
مصادر البحث

الفهرست




هناك 4 تعليقات:

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  2. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
  3. لكل قراء مدوناتي :
    لا اسألكم عليه اجرا إن أجري إلا على الله

    ردحذف